مسرحية المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية برعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري متواصلة، ورغم ذلك لا جدوى تذكر لصالح القضية الفلسطينية، وحده كيري مازال متفائلاً بإمكانية تحقيق تقدم في تلك المفاوضات، والسؤال عن أي تقدم يتحدث؟ يبدو أن الضغوط الأميركية تتزايد وتيرتها على الجانب الفلسطيني المفاوض وهي تأخذ شكلاً جديداً من خلال الوعود وتقديم خطط أمنية واقتصادية.
الخطة الأمنية التي حملها جون كيري في جولته الأخيرة، هي مجرد محاولة لإبقاء الإحتلال جاثماً على صدور الفلسطينيين، أما ما يقال عن خطط اقتصادية هي مجرد تقديم الفتات علّها تسكن حالة الغضب لدى أبناء الشعب الفلسطيني وإبقاء المفاوضات كمظلة لفرض وقائع جديدة على الأرض.
وفي حقيقة الأمر بدأ الجانب الأميركي يتطابق في رؤيته مع أهداف الإحتلال الإسرائيلي من خلال الضغوط التي تمارس على الجانب الفلسطيني المفاوض، وهذا واضح من خلال الإقتراحات الأميركية التي حملها كيري والمبعوث الأمني جون آلان، وعرضها على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للحل النهائي، وهي صياغات غامضة متناقضة، مثل الحديث عن “القدس الكبرى” لدفع “العاصمة الفلسطينية المفترضة شرق القدس”.
ويحاول كيري تسويق الوهم من جديد من خلال الإدعاء “إن الطرفين قريبان من تحقيق السلام أكثر مما كان طوال السنين”، أما إنجازه الوحيد الذي حققه في جولته الأخيرة، هو نجاحه في منع إنهيار المفاوضات قبل نهاية المهلة المحددة لها”.
ترى مصادر دبلوماسية غربية، أن “إسرائيل” نجحت في إقناع الجانب الأميركي بأولوية الملف الأمني على السياسي في المفاوضات الجارية.
وعن المطالب الأمنية الإسرائيلية فهي تتعلق بسلسلة كاملة من الطلبات، وتحت عنوان الأمن سيبقى الإحتلال، وفي مقدمة المطالب بقاء السيطرة الإسرائيلية على غور الأدرن عبر نظام استئجار خاص، وبقاء محطات الإنذار المبكر على رؤوس الجبال في الضفة الغربية ووجود قوات دولية وإسرائيلية في مواقع حدودية مع الأردن، والسماح لـ “إسرائيل” باستخدام المجال الجوي للضفة الغربية وغيرها.
وهذا يعني، أن كيري جاء الى المنطقة لدرس حاجات “إسرائيل” الأمنية من دون اعتبار للمصالح الأمنية والسياسية الفلسطينية، لهذا يسعى الجانب الإسرائيلي الى تحديد الحدود الأمنية أولاً كمقدمة للعمل على تحويلها الى حدود سياسية من خلال محاولة التوصل الى اتفاق إطاري أو إنتقالي جديد على غرار أوسلو 1993، الأمر الذي يرفضه الجانب الفلسطيني.
الدور الأميركي منحاز في المفاوضات لـ “إسرائيل” وهو لا يقدم أي إقتراح أو عرض أمني أو سياسي من دون عرضه على الجانب الإسرائيلي وأخذ موافقته عليه مسبقاً.
والسؤال الذي تفرضه الوقائع، ما هي الخيارات البديلة في حال فشلت المفاوضات؟ والسؤال بشكل أوضح، الى متى تستمر هذه اللعبة السيئة والمدمرة التي تسمى المفاوضات؟ في الوقت الذي تسعى فيه “إسرائيل” الى ضم الضفة الغربية، وإبقاء سلطة فلسطينية على السكان وإخراج قطاع غزة من المعادلة كلياً.
المراقبون: هي قضايا كبرى تحول دون التوصل الى إتفاق مع “إسرائيل” التي تصر على وجودها العسكري في الضفة الغربية وعلى ضم القدس الشرقية، ورفض عودة اللاجئين، ومطالبتها السلطة الفلسطينية بالإعتراف بالدولة اليهودية…!