المراهنة الغربية والخليجية على صدق مزاعم جماعات التكفير في دعوتها الأخيرة للحوار الوطني في سوريا، ثبت قصر نظر أصحابها أو من أيدوها مبدئياً، فقد ذهبت هذه الدعاوى أدراج الرياح، بمجرد وصول الرسالة الحقيقية لهذه الجماعة وأذرعها الإرهابية التي طاولت بالأمس مبنى السفارة الايرانية ببئر حسن وادت الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى .
انتحاريان تكفيريان ملثمون اغتالوا الملحق الثقافي في السفارة الايرانية الشيخ ابراهيم الانصاري مستخدمين احزمة ناسفة ، وأجهزة الأمن أكدت أنهم متشددون تكفيريون أقدموا على ارتكاب هذه الجريمة بدوافع انتقامية من الجمهورية الاسلامية الايرانية على مواقفها الثابتة في محاربة الجبروت الاسرائيلي .
الاعتداء الارهابي على السفارة يتعدى جزئية الانتقام، فهو رسالة واضحة ومعبرة لم تر هذه الجماعات بداً من إيصالها إلى كل من يحاول كشف جرائمها في سوريا.
إنه استهداف مباشر وواضح لأمن لبنان واستقراره ، وإن كان الهدف بالأمس مبنى السفارة الايرانية في الجناح ، ولا أحد يستطيع التنبؤ على وجه التحديد، حول من يستهدف الإرهاب في المرة المقبلة، لكن في المقابل كثيرون لا يتوقعون من الاجهزة الامنية النجاح في ضبط وتفكيك شبكات الإرهاب بعد الانفلات الامني على مستوى الحدود بين لبنان وسوريا.
ما حصل بالامس لا يتعلق بالسفارة الايرانية فحسب بل هي محاولة ضرب هيبة الدولة من جديد ، وزعزعة استقرارها، وتحويلها إلى رهينة في قبضة الإرهاب، ودب الرعب في صفوف اللبنانيين الذين ينبذون “تنظيم القاعدة” ونهجه الاجرامي الدخيل عليهم، ورفضهم جرائمه التي تحلل دم المواطن لاعتبارات تكفيرية ، وهم الآن يواجهونه بما أوتي من عزم وقوة، وبالتفافهم حول مفهوم لبنان دولة المؤسسات والتعددية .
الرسالة وصلت، والرد عليها سيكون قريبا ولكن بطريقة مناسبة تؤدي الى تجفيف مستنقع الجماعات الإرهابية ووضع حد لجنونها وتعطشها للدم المحرّم، وقد أثبتت الأيام أن الضربات الموجعة التي تلقتها الجماعات الارهابية في سوريا قد حققت نجاحاً منقطع النظير، الأمر الذي أوجع هؤلاء، وجعل من إمكانيات استمرارهم شبه معدومة، فلا عجب أن نجدهم يطلقون محاولات المستميت الموشك على الانهيار .
^