قيل الكثير عن المرونة الإيرانية تجاه أميركا وهذا أمر طبيعي وحقّ مشروع وإجراء سيادي تكتيكي من أجل حماية المصالح الإيرانية وإرساء توازنات جديدة في المنطقة بعد أن فشل المشروع الإستعماري في حربه المموّهة والمعلنة معاً ضد سوريا بشكل خاص وضد محور المقاومة بشكل عام.
نقول من حق إيران أن تفك الحصار الإقتصادي المفروض عليها وبنفس الوقت تنتزع إقراراً من الولايات المتحدة بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والإقرار بدور ومصالح إيران الإقليمية، أي أن إيران أصبحت القوة الإقليمية الأولى وذات القول النافذ والفعل الأكثر تأثيراً.
وما تريده الولايات المتحدة وكما هو معلن هو وضع الملف النووي الإيراني تحت الرقابة الدولية والحيلولة دون تطوره الى برنامج عسكري.
لذلك تجري المفاوضات مع الدول الكبرى (5+1) لإرساء إتفاق ملزم للجانبين، وخلال فترة التفاوض هذه، جرت الحرب الكونية التي شُنّت ضد سوريا تحت عناوين ومسميات واهية والهدف منها إضعاف محور المقاومة وإنتزاع التنازلات التي تصب لصالح المشروع الأميركي – المتصهين في المنطقة وتحديداً الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وما يمثله من ثكنة متقدمة في المنطقة وعامل إعاقة لأي نهضة حقيقية وإستقلال حقيقي.
والسؤال ما الذي يقلق دول الخليج في هذه الحالة؟ إن تلك الدول التي اعتادت على ربط مصالحها الضيقة بالدول الإستعمارية الكبرى مثل “أميركا وبريطانيا وفرنسا” أصبحت تدرك أن الموازين في المنطقة قد تغيّرت وهي تصب في غير صالح تلك الدول وهي تشعر بأنها أصبحت مكشوفة وهي تحاول عبثاً الحفاظ على ذات المعادلات السابقة وهي تشعر بأنها خسرت الرهان على ضرب سرويا وإضعاف إيران.
وتحاول دول الخليج جاهدة، أن تنتزع موافقة إيرانية للمشاركة في المفاوضات المفترضة بين إيران وأميركا لصوغ إستراتيجية مركبة ومتعددة الجوانب لإبطال مفاعيل القوة الإيرانية الصاعدة، لذلك هي ترفض مشاركة إيران في مؤتمر جنيف 2 لأسباب تكتيكية بهدف الضغط على إيران وتحاول تجديد الحماية الأميركية لتلك الدول بعد المتغيّرات التي تحصل في المنطقة. وهنا تصح العبارة التي خرجت عن لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالملك عبد الله “اتفقنا في الهدف واختلفنا في “التكتيكات” وهذا يعود الى أولوية المصالح الأميركية على مصالح دول الخليج”.
والسؤال أيضاً، ما حقيقة الموقف الإيراني من “التقارب مع الولايات المتحدة”؟
في هذا المجال أكّد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي، “أن الشعب الإيراني وقف بثورته أمام غطرسة وهيمنة أميركا، وبعد انتصار الثورة الإسلامية، اقتلع جذور المستكبرين في الداخل، ولم يترك الشعب الإيراني هذا العمل ناقصاً في منتصفه ليعاني تبعاته” وهو بذلك يشير الى تجربة “الإخوان المسلمين” في مصر.
ويشدد السيد خامنئي، “أن محاباة المستكبرين” لا تعود بأي فائدة على الدول والشعوب، كما أن التجربة أثبتت أن أي شعب أو حكومة وثقت بأميركا ستضرّر حتى لو كانت أصدقائها”.
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فأكّد: “أن الشعب الإيراني هو أهل للمنطق، لكنه أيضاً شعب صامد ومقاوم في الدفاع عن حقوقه”.
من هنا نحن على ثقة تامة برؤية إيران للجبهة المقابلة وهي تؤكد، أن الخلافات السياسية في أميركا ناجمة عن المشاكل الإقتصادية الكبرى والعجز في الميزانية بمقدار آلاف الدولارات، هي وصفة مؤكدة لحالة العجز الأميركي، وعليه لا خوف على إيران، وهي قوية وصاعدة وتحصد نتائج مواقفها المبدئية وصلابة شعبها وقيادتها.