في الدول التي تحترم نفسها عندما تظهر أزمة في الأفق . تبدأ الحكومة بالحديث مع المعارضة لمناقشتها . فالمعارضة شريك اساسي في الحكم الذي يتصدى لمعالجة الازمات الطارئة بخبرة العقول والفكار البناءة لمصلحة البلاد والعباد.
لم نكن بحاجة إلى أن ننتظر اكثر حتى نرى ونكتشف التصدع السياسي الذي بدأ يصيب جماعة 14 آذار والتآكل الظاهر للعيان على صعيد تركيبتها الاساسية والتململ الحاصل في صفوف مؤيديها الامر الذي سينعكس حتما على الذكرى السنوية الثامنة لما سمي ب “ثورة الارز” والحديث عن غياب كامل قيادات 14 آذار عن هذه المناسبة يوم الاحد المقبل .
كل شيء واضح من البداية حتى النهاية، أسلوب السياسة الآذارية المعارض لحكومة نجيب ميقاتي أنتج أسلوب المعارضة لها، وكلما ساءت هذه السياسة ازدادت المعارضة، وكلما طالت المدة واتسع الخلل تكرست افكار ومفاهيم ما كان لها نصيب من الوجود سوى لأن جماعة 14 آذار لا تجيد غير صنع الخصوم وفن تضليل الرأي العام وجرهم الى الهاوية.
جماعة 14 آذار ضائعة بالفعل ولا تعرف أين هي ذاهبة .همها الوحيد هو استعادة السلطة فيما ينزح عدد من زعمائها الى الخارج بحجة الحفاظ على سلامتهم . ضحاياها بالمئات سوء الطالع المتجدد يرعاهم وعدم الثقة بقياداتهم يزيدهم اشتعالاً .
الديمقراطية كما تعتقد جماعة 14 آذار “شكل ” وليس “مضمون “، إنها إنجازات تصب في مصالح متزعميها على حساب الجماهير وما دامت الامور على هذا المنوال ترى من الضروري الدخول في لعبة الانتخابات على اساس قوانين رجعية وتجديد الشرعية عن طريق صناديق سرقة اصوات الناخبين .
والحق، إن الاستقرار السياسي والامني لم تعد من الأفكار الرائجة عند هذه الجماعة ، بعد ان قامت بدعم الجماعات التكفيرية في كل من الشمال والبقاع وصيدا وغيرها من المناطق الاخرى التي تعاني من سطوة “الاصولية” المسلحة التي لم تنأي بنفسها عن التدخل في الازمة السورية والتورط في القتال الحاصل فيها.
الأفضل لجماعة 14 آذار ولكي تتدبر امرها بحكمة وتجد طريق الخلاص، أن تعترف بعدم الجدوى من وجودها وبأن الضياع حاصل بين صفوفها ، والتشتت وعدم التنسيق قائم بين مكوناتها في صور غير مألوفة، من أن تظل تتنكر للواقع الذي تعيشه وتستمر تسأل عن مصيرها الضبابي .
^