في العروبة التوحيدية

logoإن العروبة التوحيدية هي انعكاس لحتمية الانتماء إلى المحيط الاجتماعي والثقافي. وقد أتى الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وتهجير الفلسطينيين وشتاتهم، لتتوسّع هذه الحتمية الاجتماعية والثقافية إلى البعد السياسي والنضالي.

منذ إنشاء الكيان الصهيوني شهدت منطقة الشرق الأوسط نزاعات وحروب وانقلابات أدّت إلى أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وجعلت من هذه المنطقة مرتعاً للصراعات الدولية. فمن أجل فلسطين حصل انقلاب الضباط الأحرار في مصر والثورة في ليبيا وانقلابات البعث العربي في سوريا والعراق واتفاق القاهرة في لبنان الذي لعب دوراً أساسياً في اندلاع الحرب الأهلية، ذلك بالإضافة إلى ثورة الحجارة في قطاع غزة والضفة الغربية. ولتحرير فلسطين أو نتيجة للعداوة مع الكيان الصهيوني، شهدت الدول العربية العديد من الحروب بدءً بحرب سنة 1948 مروراً بالعدوان الثلاثي على سيناء في العام 1956 وحرب العام 1967 وحرب العام 1973 وأيلول الأسود في الأردن عام 1970 واجتياحات وحروب الأعوام 1978 و1982 و1993 و1996 و2006 في لبنان، وصولاً إلى الاعتداءات المستمرة على السيادة اللبنانية. كما أدّى ابتداع هذا المعسكر المسخ في قلب المنطقة العربية إلى متطلبات اقتصادية واجهت دول الطوق، وبدل من دعمها من قبل الدول العربية الغنية القابعة في الصفوف الخلفية، تم تركها لمواجهة العدو بقدراتها الذاتية مما أدّى إلى أعباء اقتصادية ومعيشية مقارنة بالدعم الأميركي اللامتناهي للكيان الصهيوني. ذلك بالإضافة إلى محاصرة الثورة الفلسطينية نتيجة لمواقفها من مغامرة صدّام حسين في احتلال دولة الكويت، حيث أدّت كل هذه المواقف العربية المشتّتة والمتخاذلة إلى اتفاقيات سلام استسلامية مع العدو ومشاريع تطبيع واعتراف بحقهم في الوجود على حساب الشعب الفلسطيني وشعوب دولهم والدول العربية الأخرى؛ وكانت اتفاقيات “كامب دايفد” و”وادي عربة” و”أوسلو”. وبدل من تخصيص الميزانيّات لمواجهة العدو الصهيوني، تم صرف الأموال العربية على دعم الحركات الإسلامية المتطرّفة في أفغانستان وباكستان والهند ودول المشرق العربي ومصر، ذلك بالإضافة إلى صرف مليارات الدولارات على نشر الدين في الغرب متناسين أن تحرير الأراضي المقدّسة أجدر بهذه الأموال.

 وكانت النتيجة انكفاء الشعوب العربية عن المشروع العربي الذي رؤوا فيه تدني الدخل الفردي للمجهود الحربي الذي لم يؤدي بدوره إلى تحرير الأرض بل إلى اتفاقيات استسلام. كل ذلك لمصلحة المشاريع الدينية التي ظنّوا فيها القدرة على إعادة الأمجاد الغابرة من السلطة والريادة في الشرق. وبيّنت الأحداث اللاحقة أن تنامي الحركات الإسلامية المتطرّفة لم تكن لمواجهة إسرائيل بل لتكفير العائلات الروحية العربية المختلفة بما فيها الإسلام المعتدل والعروبيون والعلمانيون والمذاهب الإسلامية الأخرى. كما استهدفت عمليّاتهم العسكرية خارج الدول العربية المدنيين في الغرب بما فيهم النساء والأطفال، وتتوّجت العمليات العسكرية بالهجمات الإرهابية على برجي التجارة العالمية في مدينة نيويورك الأميركية التي أدّت إلى اجتياح أميركي لأفغانستان والعراق ووصم جميع العرب بمسلميهم ومسيحييهم بالإرهاب واعتبار إسرائيل واحة الآمان والاعتدال والرقيّ والحضارة؛ أي إلغاء أي أمل في استقطاب العطف الشعبي الغربي لقضايانا العربية.

 ولمواجهة هذه المشاريع التفتيتية التي أثبتت أنها مخطّطات تستهدفنا جميعاً بغض النظر عن الجنسية العربية التي ننتمي إليها؛ وحيث أن الأهداف الرئيسة لهذه المخطّطات هي حماية إسرائيل وتوطين الشعب الفلسطيني في بلدان الشتات العربي للقضاء على أي أمل في عودته إلى أرضه؛ وحيث أن مخطّطاتهم تستهدف اللّحمة الوطنية داخل كل دولة عربية والتعاضد بين الدول العربية لاستفرادها واستدراجها إلى توقيع اتفاقيات استسلام مع العدو الصهيوني؛ وحيث أن مواجهة هذه المخطّطات مستحيلة من خلال التشرذم العربي؛ وحيث أن التشرذم العربي والخلافات بين الدول العربية تؤثّر تأثيراً مباشراً على استقرار وتطوّر وازدهار كل دولة عربية؛ وحيث أن الشعوب العربية تتميّز بالتعدّدية الدينية مقارنة بالعنصرية الصهيونية؛ وحيث أن الحركات الدينية المتطرّفة والتكفيرية تؤسّس لصراعات داخلية بين الدول العربية وبين شعب كل دولة عربية على حدى بما تخدم المشاريع الصهيونية؛ يؤكّد حزب التوحيد العربي على ضرورة العمل على تكريس الانتماء العربي الذي من شأنه وحده مواجهة الأخطار والمخطّطات التي تستهدف كل دولة عربية، نظراً لوحدة المصير الحتمي المرتبط باغتصاب الأرض العربية. إن اتهام هذه الأفكار بالخشبية هو اتهام مغرض يخدم المشروع الصهيوني ويدعم فكرة الاعتراف بالكيان الغاصب وعدم عودة الشعب العربي الفلسطيني إلى أرضه.

 وعليه، وكي يتسق الفكر مع العمل، يرى الحزب باعتماد العملانية في الطرح العروبي من خلال التوجه إلى المجتمعات الأقرب ضمن العالم العربي بالعادات والتقاليد والتاريخ والطبيعة المجتمعية. حيث يرى الحزب أن البداية يجب أن تكون في تأسيس كينونة مشرقية صلبة تستطيع أن تلعب دور مجموعة ضغط معنوي واقتصادي وسياسي باتجاه تبنّي طروحاتها من قبل العالم العربي. لذلك، يتمثّل الانتماء العربي التوحيدي بالعمل على تأسيس منظمة مشرقية تضم كل من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق، تكون النواة للوصول إلى العمل العربي الموحد بشكله الأوسع. وتتمثل مبادئها بالعمل على التالي:

‌أ.       إلغاء جميع اتفاقيات الاستسلام والتطبيع والتعاملات التجارية والاجتماعية والسياسية بين الدول العربية والكيان الصهيوني.

‌ب.  لا اعتراف ولا مفاوضات ولا تطبيع مع العدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال.

‌ج.    عودة جميع الفلسطينيين إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم واسترجاع جميع أراضيهم المغتصبة.

‌د.      حق سيادة الشعب العربي الفلسطيني على كامل التراب الفلسطيني.

‌ه.    دعم جميع الأنظمة والشعوب والأحزاب والمنظمات المقاومة لإسرائيل دعماً كاملاً غير مشروط.

‌و.      إنشاء سوق مشرقية مشتركة بديلاً عن الاتفاقيات المنفردة للدول المشرقية مع منظمة التجارة العالمية.

‌ز.      تطبيق نظام العملة المشرقية الموحّدة على غرار اليورو.

‌ح.    إنشاء برلمان مشرقي على غرار البرلمان الأوروبي مع الاحتفاظ بالسيادة السياسية لكل دولة مشرقية على أراضيها.

‌ط.   تأسيس جيش مشرقي موحّد على غرار حلف شمالي الأطلسي مهمته حماية مصالح الدول المشرقية الأعضاء مع أولوية تحرير فلسطين، مع الحفاظ على السيادة الدفاعية لكل دولة عضو ضمن حدودها الوطنية.

‌ي.   مقاربة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية مقاربة مشرقية موحّدة وعدم شرعية الاتفاقيات المنفردة بما يختص بالقضيّة الفلسطينية بالتحديد.

‌ك.    التحالف الاستراتيجي وفتح الأسواق المشرقية لكل دولة إقليمية أو دولية أو عربية أو غير عربية تعادي إسرائيل بأي شكل من أشكال العداء، اقتصادياً كان هذا العداء أم سياسياً أم أمنياً أم اجتماعياً أم عقائدياً؛ ضمن معادلة: عدو عدوّي هو صديقي. بالإضافة إلى تشجيع الدول على عداء إسرائيل من خلال تخصيصها بهذه الامتيازات.

‌ل.     العمل على تأسيس مركزيّات للحزب في جميع دول المشرق العربي الأعضاء مع التشديد على خصوصية كل دولة.

‌م.      التوجه إلى الدول العربية كوحدة مشرقية ناجحة لضمهم إلى فكرة الاتحاد في ظل الخصوصية بهدف الوصول بالاتحاد المشرقي وبنوده إلى اتحاد عربي جامع يحترم خصوصية وسيادة كل دولة عربية، إلا بما يتناقض مع المبادئ المذكورة.

[divide]

لتحميل الملف بصيغة PDF انقر هنا   pdficon

4 + 3 =