من المستهدف في مصر من كل ما يحصل في البلاد منذ سقوط حكم “الاخوان المسلمين”؟ ومن المستفيد من مثل هذا السيناريو القائم على القتل والدم؟ ومن المحرّك الرئيس لممالرسات “الاخوان” الارهابية؟ ولماذا لم تجد قضايا الاستهداف تلك طريقها إلى الحل حتى الآن ؟
استهداف ضباط وجنود في الجيش المصري ،واستهداف المؤسسات الحكومية وقتل المدنيين ، يؤشر إلى حالة النظام المصري الانتقالي، ويكشف بالضرورة ذهنية جماعة “الاخوان المسلمين” التي تتوسل خطاب التكفير والتوتر المذهبي والتقسيم .وقد ظهر الامر جليا في اعتصامهم في “رابعة العدوية” بهدف اعادة اسقاط الدولة و الاستيلاء على السلطة باسم “الثورة” وبوسائلها المرتبطة بضرب المؤسسات واستخدام العنف .
لم يعمل مرسي واخوانه على تأسيس نموذج للعدالة الانتقالية بعد الاطاحة بنظام مبارك ، بمعنى انهم لم يرفعوا المظالم عن أصحابها، ومداواة جراح الفترة المريرة التي مرت بها البلاد ايام مبارك ، ولم نسمع عنهم أي محاولة لجمع ممثلي المجتمع المصري وفاعلياته من قادة رأي وإعلاميين وغيرهم من أصحاب التوجهات والرؤى السياسية المختلفة، ولم يجروا أي حوار يذكر بين مكونات المجتمع، ولم يكن هناك أي تغيير حقيقي يذكر .
تفجيرات واعتداءات على مقار رسمية وممثليات دبلوماسية، وفلتان أمني غير مسبوق، وبروز لنوازع التفتيت والتفرقة، على أسس مرفوضة ، دماء لا يعرف لماذا تراق، وثروات بشرية تحاول أيادٍ كثيرة أن تطولها بالاغتيال أو التغييب، والمشهد مقبل على أخطار أكثر إن لم يكن هناك تحرك فاعل ممن “يهمهم الأمر” في البلاد، وإن لم تبدأ عملية إرساء النظام الديمقراطي فعلياً، بدلاً من الاستمرار في مرحلة انتقالية يبدو الخاسر الأكبر فيها مصر وشعبها، والمستهدف من استطالة أمدها مستقبل الدولة، والمستفيد منها عناصر تضمر للبلاد شراً .
ما يتربص بمصر اليوم من أخطار أكثر مما يتاح من فرص، والمطلوب تحرك سريع وفاعل،من اجل الانتقال الى نظام تسوده العدالة والمساواة والمدنية، ويخرج البلاد من حالة انعدام الاستقرار والامن والاهتزازات العنيفة المتلاحقة التي تضرب في كل مكان تقريباً، ومحاولات البعض سواء كان داخلياً أم خارجياً العمل على سيناريو تقسيم للبلاد تحت عنوان الكانتونات ،وهذا لن يحصل الا من خلال التوجه نحو حوار شامل يضع أسس مصر المستقبل، ولا يُستثنى منه أحد أياً كان، ولإنجاح هذا الحوار لا بد من تزامنه مع تثبيت نموذج عدالة يكشف المتورطين في الإجرام بحق المصريين ويحاكمهم، ويترافق مع عمل حثيث على إنهاء فوضى السلاح والميليشيا، فمن هذه النقاط تنطلق عملية البناء الفعلية .
^