ما يسمى “الربيع العربي” تزويراً وتضليلاً، أصبح من الماضي لأنه كان وهماً تمّ تغليفه بصلاحيات وامتيازات مضللة، مَن يدفع الثمن المواطن العربي وأمته بأسرها، والمستفيد هو المشروع الاستعماري الذي يستهدف المنطقة ومعه الكيان الصهيوني.
اليوم بدأت الوقائع تتضح تباعاً وهي تفرض ذاتها وتقول كلمتها بقوة: في تونس الخضراء كما في مصر العروبة، شاهدنا التحركات البالغة العنف والدموية، ثورة الياسمين غارقة في أزماتها وهناك الاغتيالات وتصفية الحسابات ولون الياسمين بات مخضباً بالدماء، ومن تونس الى مصر والأحداث الخطيرة التي تدور هناك، والسؤال: هل نحن أمام النيل الأزرق أو النيل الأحمر، هل هذه ثمار الربيع العربي المسموم والموعود بدأت تعطي ثمارها من المحيط الى الخليج؟
ومن منطق ترابط الأحداث في عالمنا العربي، نتوقف عند حدث كانت قد ضغطت عليه الأولويات الأخرى قسراً في أزمات المنطقة، ألا وهو ما أعلنه وزير الخارجية الأميركية جون كيري استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و”الإسرائيليين” في واشنطن، واللافت هنا في هذا التطور هو التوقيت بالذات، وهذا يعني عملية تحويل الأنظار عما تشهده المنطقة من أحداث بالغة الخطورة، وإعطاء الانطباع بأن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تزال تملك المبادرة.
وبعد الفشل الأميركي والأوروبي في مواكبة تداعيات ما يجري في المنطقة من جهة وعدم الإمساك بخيوط الحل في سوريا كما تشتهي إدارة الرئيس باراك أوباما، وهو يعتقد أن انهماك دول المنطقة في حالة الاضطراب القائمة والأزمات المتدحرجة، يمكن أن تحقق له بعض الإنجاز في الملف الفلسطيني أو توجيه الأنظار بعيداً عن الفشل المدوي الذي لحق بالمشروع الأميركي جراء دعمه لعصابات القتل والتدمير في سوريا علّه يحقق ما أراد على حساب دم السوريين والمغرر بهم من أرجاء المعمورة تحت عناوين لا تستقيم مع المنطق أو مع القيم الإنسانية.
من هنا نرى، لعبة الوقت كيف تتجدّد وكيف يهيأ المسرح دائماً والمهم في نظر المشروع الاستعماري المتصهين وأدواته استمرار النزيف في الجسد العربي وإضعافه على الفعل أو رد الفعل وبذلك يتم طمأنة الكيان الصهيوني والحفاظ على أمنه ووجوده كحارس لمصالح الدول الاستعمارية التي صنعته وزرعته في قلب الوطن العربي.
والسؤال، هل مدة التفاوض المعلنة (9 شهور) بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين كافية لتغطية حالة العجز الأميركي وفشلها في تحقيق إنجاز يخدم مخططاتها من خلال الحرب التي شُنّت على سوريا العروبة؟
بالطبع لا، وفي قراءة لخريطة الأحداث في المنطقة ومن خلال الوقائع نرى حالة التراجع والإنكسار لدى أصحاب المشروع الاستعماري الذي يستهدف منطقتنا.
وفي المحصلة الحالية أيضاً لصورة العالم العربي كما تبدو في الوقت الراهن، يمكن القول، لقد سقط ما يسمى “الربيع العربي” وبالضربة القاضية، ومَن يهمه تغيير الحالة الراهنة أن يبحث عن بدائل أفضل، بدائل مضمونة تضع مصلحة المواطن العربي وأمته فوق كل اعتبار وعدم الرهان على مشاريع الأعداء تحت حجج وذرائع وأكاذيب ما يقال عن “الديمقراطية” المزعومة التي يتشدّق بها أصحاب الحرب المجنونة التي تُشن ضد سوريا العروبة الحقيقية.
وكلمة حق قالها الرئيس بشار الأسد، “الخير لا يأتي من تلك الدول العربية التي منعت عن شعوبها الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية، لا برلمانات ولا انتخابات ولا مشاركة في الثروة والوطن“.
نعم التاريخ لن يرحم أولئك الذين فتحوا باب القتل والتدمير والتخلّف، ولم يأتِ أصحاب الفكر الظلامي الذي أسّسه الوهابيون و”الإخوان” الذين استخدموا قناع الإسلام لضرب الإسلام من خلال طروحات طائفية بغيضة، وهاجموا الجيوش العربية ونافقوا “إسرائيل” وتذللوا لأميركا.
الخير يأتي من الشرفاء الذين وقفوا في مواجهة الحرب الكونية التي شُنّت ضد سوريا من العالمين العربي والإسلامي والدول الصديقة في العالم، والخير يأتي من أبطال الجيش العربي الذين يدافعون عن شعبهم في مواجهة الأعداء.
محمود صالح