ما بين الوهم والحقيقة مسافة، وهذه المسافة لها مقاييسها وحساباتها الدقيقة، سوريا العروبة تدافع عن شرف الأمة بكل جدارة وبطولة وكبرياء وشموخ، إن خلطات ووصفات ما سمي بـ “الربيع العربي” أصبحت من الماضي، وسوريا العروبة ومعها منظومة المقاومة في أمتنا هي من يضع المعادلات الدولية، هنا مركز الصراع ومصدر القرار ومصنع الانتصارات.
الخلافات لا تزال قائمة داخل صفوف المعارضة السورية، وتتركز حول “وهم” جرى تسويقه وترويجه وهو “وهم” القدرة على الانتصار، والحديث عن تغيير من باب وصف واقع الحال يتناقض مع الحقائق على الارض.
بعض المؤشرات الطازجة، حالة التردد السائدة في صفوف ما يسمى “الائتلاف الوطني” واعتكاف رئيسه وامتناعه عن المشاركة في اجتماع اسطنبول الذي كان مقرراً، وكان يفترض حسب المشاريع المخططة، أن يتخذ قرار بشأن الهروب الى الأمام وتسمية “رئيساً للحكومة المؤقتة”، تجاوباً مع قرار الجامعة العربية الذي وافق على تسليم المعارضة مقعد سورية، بشرط أن تتفق على تشكيل _هيئة تنفيذية) لهذا الغرض.
هذا يعني ان رئيس ما يسمى “الإئتلاف” يريد إبقاء الباب مفتوحاً امام مبادرات التسوية على قاعدة بيان جنيف ومهمة الأخضر الابراهيمي وهو ما يراهن عليه آخرون “الحل للأزمة من خلال الحوار” واذا تم ربط ذلك مع قدرة الجيش العربي السوري على الحسم، والإشارة الى أن صناديق الاقتراع هي التي ستقرر الاحتكام الى الانتخابات، هذه هي المحددات الأساسية في مجرى الحل.
ويراهن بعض أطراف المعارضة على نجاح التقارب الروسي – الاميركي في إنضاج حل للأزمة، ويمكن القول، في الوقت الحاضر على الأقل، إن أي رهان أو بناء موقف سياسي على فرضيات واهمة، لن يصل الى نتيجة منطقية، لأن أطراف المعارضة تملك مواقف متفككة ومتناقضة وهي لا تصب في الاتجاه الصحيح وتخضع لإملاءات خارجية هدفها إضعاف سوريا، بينما الأولوية يجب أن تكون لصالح الوطن ووحدته الوطنية واستقلاله بعيداّ عن التدخلات الأجنبية أو أدوار الوكلاء المأجورين.
في هذا الوقت، نرى أن حيوية الدعم الخارجي لأطراف المعارضة، بدأت بالتراجع وخطوط الوهم تتكشف تباعاً ومن كان متطلعاً الى تحقيق إنجاز سريع، بدأ في مراجعة حساباته من جديد بحيث تتوافق مع الحقائق.
الأوروبيون وصلوا الى جدار مسدود في رؤيتهم لحل الأزمة السورية، وهذا يتقاطع مع المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي، الذي أطلق تحذيراته ومخاوفه من تمزق سوريا في ظل تصاعد الصراع.
ورغم ذلك مازالت الأولوية المعلنة هي “الحل السياسي”، وهي تبدو انعكاساً لاتجاه الحلول المرابطة في أماكن أخرى، ولـ “بورصة” المراهنات بين اللاعبين الدوليين، ويقال، إن التوازنات هي التي صنعت حالة الجمود.
الموقف الروسي من الازمة السورية ثابت ومبدئي، وهذا ما أشار إليه وزير خارجية النمسا ميخائيل سبيندليغر الذي حذر أيضاً من الخطر الذي يتهدد نسيج المجتمع السوري، حيث قال:”أعتقد أن علينا الآن رؤية كيف يمكن أن نوصل خط اتصال بين النظام والمعارضة”.
الأوروبيون، يتفقون على أن الأزمة السورية، من أخطر الأزمات التي تؤرق العالم، والحل العسكري ليس في الأفق، والتوتر يزداد في جميع أنحاء المنطقة.
ما بين الوهم والحقيقة، بدأت المسافة بالانحسار، والحقيقة تفرض ذاتها، والوهم سراب زائل لا محال، سوريا العروبة تنتصر لأنها تحمل قضية حق وعدل وتدفع عن نفسها العدوان.
محمود صالح