في يوم القدس العالمي نطل على المشهد الفلسطيني القابع في سراديب التنازلات والتسويات حتى تصبح المعادلة على الشكل الآتي: كلما قدم محمود عباس تنازلاً، زاد نتنياهو صلفاً وازدادت شروطه وإملاءاته .
من منا لا يتذكر اتفاق “أوسلو” المشؤوم الذي شكل منعطفاً خطيرا قدم فيه المفاوض الفلسطيني تنازلات كثيرة، والغى فيه بنود الميثاق الوطني التي لا تعترف بالكيان الصهيوني ليتم الاعتراف في ما بعد بالكيان الصهيوني من دون الاعتراف بدولة فلسطينية، أو حتى إمكانية قيام دولة فلسطينية .
هكذا شكل “اوسلو” المظلة الامنية فوق الاحتلال الاسرائيلي الذي يعيث فساداً في الأرض وينتهك الحقوق الفلسطينية، في وقت رفضت “اسرائيل” تنفيذ أياً من التزاماتها لا بل واصلت في بناء المستعمرات على الأراضي الفلسطينية والتهمت المزيد منها في وقت يمعن المفاوض الفلسطيني في تقديم التنازلات لمصلحة القضاء على فكرة قيام الدولة الفلسطينية وترسيخ المشروع الاستعماري العنصري وتهويد القدس وجعلها عاصمة للكيان الصهيوني!
عجبا امر هذه السلطة الفلسطينية التي مازالت تؤمن بالوعود الكاذبة وآخرها دعوة أوباما الى اعادة إحياء المفاوضات من دون ان يقدم تفسيرا واضحا حول كيفية الحفاظ على حقوق الفلسطينيين ،بالمقابل رأيناه اكثر تشددا من سلفه بوش الابن عندما اكد على يهودية الدولة، وأن تكون المفاوضات من دون شروط مسبقة، ومكرراً التزام الولايات المتحدة الأمريكية بأمن الكيان الصهيوني، وأن أي سلام لا بد أن يأخذ في الاعتبار الدواعي الأمنية الصهيونية !
محمود عباس ليس المتآمر الوحيد على حقوق الشعب الفلسطيني بل معه الكثير من الحكام العرب الذين يشاركونه الرغبة ذاتها وهذا ما ظهر للعيان خلال لقاء وزير الخارجية الأمريكية كيري مع وفد الجامعة العربية في واشنطن في إبريل 2013 ليمثل نقطة جديدة في مسار المفاوضات، خصوصاً أن وفد الجامعة العربية، طرح فكرة تبادل الأراضي في إطار حل الدولتين وفي حدود ،1967 الأمر الذي لاقى ترحيباً أمريكياً وصهيونياً، رغم أن نتنياهو قلل من شأنه معتبراً أن المشكلة مع الفلسطينيين ليست مشكلة أرض وإنما هي الاعتراف بيهودية الدولة .
ولكن اليس ذلك اعترافاً عربياً انهزاميا بالكيان الصهيوني، وتعديلاً لمبادرة السلام العربية، خصوصاً أن كيري دعا الأقطار العربية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني من دون أن يطلب من الكيان الانسحاب من الأراضي العربية الذي هو الشق الأساسي في المعادلة التي تضمنتها مبادرة السلام العربية ؟
هل من المعقول ان يتنازل هؤلاء جميعا عن شروطهم بضرورة وقف الاستيطان ويعترفوا بيهودية الدولة وبالقدس عاصمة موحدة للشعب اليهودي؟
ان قبول ابومازن ومن وراءه بالدخول في مفاوضات مع الكيان الصهيوني وفق خطة كيري من دون ضمانات مكتوبة بمرجعية حدود ،1967 وكذلك وقف الاستيطان، يعد خيانة قومية ً بحق القضية الفلسطينية وتنازلا عن الحقوق والمقدسات .
**