الحرب العدوانية التي شنت على سوريا العروبة، بدأت مؤشرات نتائجها تتضح تباعاً، وتداعياتها وتأثيراتها القريبة والبعيدة، الحسابات الإنكلوأميركية والغربية المتصهينة دخلت في مرحلة جديدة عنوانها تقييم جدوى تلك الحرب وهل وصلت الى تحقيق أهدافها المعلنة والمبطنة، وكل ما يمكن أن يقال إن حسابات الحقل لم تنطبق على حسابات البيدر لدى هؤلاء في أقل التقديرات.
الحملة الإعلامية العربية السورية نجحت في نقل صورة الحدث بعد أن فضحت حملة التضليل الإعلامي المبرمجة، ومن الناحية السياسية، يبدو أن التراجع الغربي – الأميركي المتصهين قد بدأ فعلاً من خلال ما تنقله وسائل الإعلام الأميركية والغريبة، بأن واشنطن بدأت بالتراجع عن دعم ما يسمى “المعارضة”، وسوريا كانت قد حذرت من أن الحرب التي تشن ضدها تمهد الطريق أمام حرب الطوائف والمذاهب، وواشنطن بدأت تقول صراحة: “إن المعارضة الطائفية لم تعد جاهزة لاستقبال أي فريق آخر غير جماعة “القاعدة” وأنصارها“.
وبعض من “المعارضة” بدأ يحس بمدى الخيبة والخسران ويدعي بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون قد تخليا عن الوعد الذي قطعاه حيال تسليح “المعارضة” بأسلحة نوعية متطورة وأن قرارهما سيترك “المعارضة” عرضة للقتل ويفتح أمام تنظيم “القاعدة” كل فرص السيطرة على صفوف المتمردين، ومثل هذه الأقوال يمكن قراءتها بطريقة موضوعية ودقيقة، فالنتائج التي حققها الجيش العربي السوري في مواجهة كل قوى الشر والعدوان، بدأت تأخذ صداها ومداها وتأثيراتها السياسية الاستراتيجية.
وليس صحيحاً ما تقوله “المعارضة المسلحة” وهي تبرر هزيمتها الساحقة أمام إرادة الجيش العربي السوري وشعبه الصامد، فهي تلقت كافة أصناف الأسلحة مع الخبراء والعسكريين وغيرهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
المعادلات على الأرض بدأت بالتغير، مؤتمر جنيف لم يعد يروق للقوى الباغية وأدواتها لأن سوريا انتصرت فعلاً وهي في طريقها الى الإنجاز الأكبر.
الموقف الأميركي بدأ يتغير بشكل قصري بناء على نتائج تلك الحرب العدوانية التي شنت على سوريا عبر الأدوات والمرتزقة، لكنه مازال غارقاً في ازدواجية المعايير وهي الصفة الملازمة للسياسة الأميركية في منطقتنا، (من الناحية النظرية الموقف الأميركي يعادي “القاعدة” في سوريا ولكنه يدعمها في العراق من أجل تأجيج العنف في العراق) لكن الأصح، الأميركي يؤجج الفوضى والحرب ويقف مع التدمير والقتل في مكان وهو المستفيد من “القاعدة” في كل مكان.
هنري كيسنجر كان قد تحدث في ندوة لصالح “مدرسة جيرالدفور للسياسة العامة” وتحدث عن الحرب في سوريا وقال: “إنها قد تنتهي بثلاثة احتمالات أولها انتصار الرئيس بشار الأسد وآخرها القبول بصيغة تعايش القوميات على نحو يصعب على أي فريق قمع الآخر”، وصحيفة “نيويورك تايمز” قالت “يبدو أن الحل الأخير هو الأفضل لأن زعماء “المعارضة يفضلونه وهم اعترفوا بأن الأسد خرج منتصراً“.
وفي هذا السياق، المتبع للحراك الكردي في المناطق الشمالية حيث الحدود السورية مع تركيا يخرج بنتائج واضحة تدل على أن تركيا خرجت من اللعبة هناك وخسارتها مؤكدة، والتطورات أصبحت في غير صالحها، وبدأ من هناك أن عقد ما يسمى “الائتلاف” قد أخذ ينفرط وتشرذم عناصر ما يسمى “الجيش الحر” وفي النتائج يدعي هؤلاء أن “الائتلاف” في طريقه الى الانحلال والتفسخ بعدما تخلت عنه الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
بإختصار نقول: “إن الهجوم الدولي الخارجي والإقليمي الذي تتعرض له سوريا وضلوع مختلف الأطراف والأدوات المأجورة في الحرب الدائرة في المنطقة بأسرها يؤكد حقيقة ساطعة، أن الهجوم والمشروع الأميركي – الغربي المتصهين يستهدف الوطن العربي برمته وخاصة المشرق، وهذا الهجوم يستهدف وحدة بلدان المشرق ومصيره، وإذا كانت بعض تلك الدول المشرقية لا تعي حقيقة الدوافع والأهداف أو تخاف الجهر به وأن ترسم استراتيجياتها على أساسه، فلأنها تدور في العجلة الأميركية والغربية وفقدت قرارها وهي لا تنظر إلا ليومها، نقول الأجدى أن يسارع الجميع للوقوف الى جانب سوريا في تصديها للعدوان ولأن لعنة التاريخ لن ترحم أبداً ولعنة الحاضر ماثلة وواضحة وأعداء سوريا يتساقطون تباعاً فهل يستوعبون ما يجري قبل فوات الأوان.
محمود صالح