برر الاتحاد الاوروبي فعلته بادراج “الجناح العسكري” لحزب الله على لائحة “الارهاب” بانه جاء مرتبطا بحادثة “بورغاس” في بلغاريا وما زعمته بعض الاطراف الدولية عن محاولة حزب استهداف إسرائيليين في قبرص … قبل ان ينتقل الحديث عن دور حزب الله في سوريا، خاصة بعد إعلان الامين العام سماحة السيد حسن نصرالله رسمياً عن قتال المقاومة إلى جانب قوات النظام السوري في “القصير” وما بعدها … فما هي اهداف القرار الاوروبي والنتائج المتوخاة منه؟
في المحصلة الاولى ، لا يساوي قرار الاتحاد الاوروبي الحبر الذي كتب فيه، خاصة وان قيادات وكوادر حزب الله ومقاتليه لا يمتلكون أرصدة في البنوك الأوروبية ،هذا فضلا عن الصعوبة في مكان التمييز بين السياسي والعسكري في حزب الله ، فالكل سياسيين في صفوف الحزب كما ان الكل ايضا مقاتلين في صفوف المقاومة ان اقتضى الامر مما يجعل الماكينة الاوروبية في مأزق حقيقي عند محاولتها فرز الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله.
لا شك بان القرار الاوروبي نابع من تطورات الازمة السورية وتحديدا بعد الدور الحاسم لحزب الله في معارك القصير وحمص، والذي أسهم بإحداث نقلة نوعية على مستوى موازين القوى على الأرض ،دون ان ننسى الفيتو الخليجي المدعوم من بعض الجهات العربية والإقليمية والدولية، على مشاركة حزب الله في حكومة الرئيس تمام سلام ، ،فضلا عن رغبة الاتحاد الأوروبي بـ”تعويض” إسرائيل، ومن “كيس” اللبنانيين ، عن قرار الاتحاد الأخير بخصوص المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
القرار الأوروبي مضرٌ معنوياً بلبنان ، سيما أنه يندرج في سياق أوسع وأبعد مدى، هدفه ضرب الاستقرار الداخلي واشاعة اجواء التطرف والخطاب المذهبي تمهيداً للالتفاف على المقاومة ،وان كان هذا القرار لن يؤثر على نشاط الحزب وفاعليته، سواء كان على المستوى الداخلي او الإقليمي فحزب الله يمتلك من المقومات والتمثيل ما يجعله عصيٌ على الإلغاء والاقصاء والتجاوز والتهميش، وسيظل لاعباً يحسب له ألف حساب، بعد القرار كما كان قبله.
وأبعد من ذلك نقول إن الاتحاد الاوروبي ربما يكون هو المتضرر الاكبر من هذا ،فكثير من الدول الأوروبية، سوف تجد نفسها مضطرة للتواصل مع حزب الله واستمرار التنسيق معه ميدانياً، بفعل مقتضيات القرار الدولي 1701، وبعض دول أوروبا كإيطاليا وفرنسا والنمسا، لها قوات منتشرة على أرض الجنوب اللبناني في إطار “اليونيفيل”، وهي الأحوج للتنسيق مع الحزب، بل ومع جناحه العسكري بخاصة، في كل ما يتصل بمناطق انتشار هذه القوات، وعلاقاتها بمواطني هذه المناطق ومن أجل حفظ أمن هذه القوات وسلامتها في المقام الأول والأخير.
ولان طبيعة القرار قابلة للطعن والاستئناف، يأتي هنا دور الحكومة اللبنانية للعمل على الغاء هذا القرار المشؤوم وسندها في ذلك أن الأحكام النهائية في قضية “بورغاس” لم تصدر بعد، والاتهام القطعي القبرصي، لم يتعزز بقرار قضائي بعد … وهو قرار قابل للمراجعة والتدقيق كل ستة أشهر.
يبقى انه من العيب ان نسمع عن تلك المواقف الشامتة التي ميزت تصريحات بعض قوى جماعة 14 آذار، والأجنحة السلفية والتكفيرية ، التي هللت وكبرت للقرار الأوروبي، كما لو كان فتحاً مبيناً للقدس في فلسطين المحتلة!
المؤسف أن نبرة التشفي والحقد والتجني هي التي ميزت ردات فعل بعض سياسيي الخليج وصحفه وإعلاميه … بعضهم لم يكن سباقاً في التشديد على معاقبة حزب الله ووصفه بالارهابي فحسب، بل قدموا عروضا مذهلة لمد يد التعاون مع كل اعداء الامة ، طالما أن العدو المشترك، هو إيران وحلفاؤها ومشتقاتها والمتعاطفون معها …
إنه عصر “امراء التكفير ” في زمن “الخريف العربي” الذي لا نعرف له دركا ولا قرارا.
^