ما يجري في مصر العروبة من أحداث جسام، يعيدنا من حيث الملامح الى الخمسينات من القرن الماضي، كانت مصر وماتزال الرائدة ومركز الثقل الأساسي في مقارعة أعداء الأمة من قوى الاستعمار والصهاينة ولكل مَن ارتبط بهذه العجلة من أدوات محلية وقوى رجعية، ارتبطت مصالحها في وجود الأجنبي على أرضنا العربية كمحامٍ لها ومانع لأي تطور أو نهضة. من هنا، ليس غريباً أن يسارع هؤلاء للتطبيع مع الكيان الصهيوني في أول فرصة سنحت وبعد أن غابت مصر عن دورها القومي كنقطة انطلاق وأحد مشاعل النهوض والتقدم.
اليوم عادت مصر وبقوة لأخذ دورها وبدأت ساعة العمل الثوري الذي يكنس كل مخلفات المرحلة السابقة، مرحلة تطويع مصر وأبعادها عن عروبتها ودورها في الصراع وإدخالها في دهاليز السير وراء نفعية لصالح جماعة باعت نفسها للأميركي والتركي وغيره ولبست ثوب الدين للتستر على ما يرتكب من فظائع وفتن في عالمنا العربي، التقت إرادتها مع إرادة الأعداء وجعلت من مصر قاعدة لحماية مصالح الغرب الاستعماري والكيان الصهيوني.
وبعد أن فشلت مشاريع الأعداء وخططهم للنيل من سوريا العروبة ومعها كل قوى المقاومة وبدا أن النصر آتٍ وسيكون من نصيب سوريا بكل ما تعنيه من عروبتها وتحالفاتها وتطلعات أبناء أمتها، خرج مرسي “الإخوان” بخطابه السيء، وأعلن إغلاق السفارة السورية في مصر، علّه بذلك ينال رضى أسياده وكي يقوم بدور قذر عجز أمثاله عن تحقيقه، وأراد أبعد من ذلك، أعلن الجهاد ضد سوريا، ونسي هذا، أن فلسطين بجواره وهي تئن تحت الاحتلال الصهيوني، وقبلها كان قد دمّر أنفاق غزة واختار لنفسه أن يكون وسيطاً بين غزة والأعداء الصهاينة وهدف تبريد جبهة غزة وتقديم خدمة لأسياده والقيام بما عجز عنه سلفه مبارك المخلوع.
لكن شعب مصر العظيم ومعه قواته المسلحة كان لهم رأي آخر، انطلقت ثورة 30 يونيو/حزيران لتؤكّد أن ثورة 25 يناير 2011 مستمرة، وقالت كلمتها، خرجت الملايين من أبناء شعبنا في مصر العروبة، واستطاعت عزل مرسي وإيقاف حالة التدهور والفساد والارتهان، وبدأت خطوات جادة وذات مسار واضح، وضعت حداً لحكم “الإخوان” وأعادت فتح السفارة السورية في القاهرة.
إننا اليوم أمام مرحلة جديدة حافلة بالتحديات، مصر ليست وحدها، معها اليوم كل أبناء أمتنا، أولئك الغيارى على عروبتهم وكرامتهم، إنها فرصة تاريخية هامة لقوى التغيير نحو مستقبل أفضل بعيد عن الهيمنة الاستعمارية والدوران في فلك الآخرين.
لتتضافر الجهود من أجل أمة واحدة، أمة مقاومة، أمة مستقلة تتمتع بخيراتها وثرواتها، أمة لها حضارة وتاريخ مجيد يؤهلها لأن تكون في مقدمة الركب وهي تملك كل المؤهلات.
بدأت ساعة العمل الثوري ولن تتوقف إلا بتحقيق كل الأهداف السامية.
محمود صالح