الانظار كلها كانت مشدودة بالامس إلى ميدان التحرير وقصر الاتحادية وكل ميادين مصر الأخرى المشتعلة غضباً.
أهمية ما يجري في مصر لا يحتاج إلى بيان أو برهان، وما يجري فيها له تداعيات على كل بلدان “الربيع العربي” ، بل وعلى أبعد بكثير من محيطها العربي المجاور. وثورة شبابها السلمية كانت رمزاً للتحرك ضد “الاخوان المسلمين”الذين عاثوا خرابا ودمارا وظلما وطغيانا وكفرا ، وإلهاماً لكل الجماهير الطامحة إلى الديمقراطية مقرونة بالعدالة الاجتماعية.
لم يثبت مرسي في سنته الأولى في الحكم، أنه يمثل تياراً وطنياً جامعاً ويمثل لسان المصريين جميعا ، بل بقي في شرنقته الحزبية رافضا خلع ردائه “الاخواني” محاولا الاستئثار والسيطرة على مفاصل الدولة المصرية: فالدستور أضحى دستور “الاخوان” ، الذين صاغوه على مقاسهم، والنائب العام اصبح “اخونجي” مهمته الاساسية محاربة القضاة، والخطاب السياسي بات منصبا على تهديد معارضي النظام بإحالتهم على التقاعد أو كما يقول المصريون على “المعاش”.اما الحريات التي تشدقوا بها فاصبحت تعني عندهم السيطرة على التلفزيون والإذاعة الرسميتين، وتعيين المحافظين الموالين لهم، وتغيير قيادات الجيش والشرطة بما يخدم مصالحهم الضيقة.
حتى دجالهم الكبير سيد قطب الذي منحه القدر الفرصة تلو الأخرى ليتقرب إلى جموع الشعب المصري ويتمثل همومهم وآمالهم، غير أن “اخونته الضيقة” وقفت حائلاً دون ذلك، فهو يصور معارضيه على أنهم من “الفلول” “والبلطجية” و”أزلام” النظام السابق، ناكراً أنه لولا تضحيات هؤلاء الثوريين الحقيقيين وشجاعتهم، لما وصل هو وأتباعه إلى سدة الحكم.
لقد كشف شباب مصر بثورتهم المستمرةحقيقة ان الحكم التكفيري بقياداته السياسية والفكرية والتنظيمية،لا مكان له في مصر وقد فشل بادارة المجتمع و تسيس شعبه حفاظا على المواطنة ، كما انه لم يكن مسلحاً بتجارب وخبرات لازمة لممارسة السلطة في دولة في حالة ثورة مستمرة، ولم يأت مؤمناً أو مقتنعاً بان المصريين في حالة تحول كبير بعد سقوط نظام مبارك أو متوافقين مع بيئة عربية رافضة للإرهاب والتعصب الديني.
الأيام القادمة حبلى في مصر، وحشود يوم الثلاثين من يونيو فاقت حشود أيام الثورة على نظام الرئيس المخلوع مبارك، وهذه الحشود لن تبرح مكانها إلا محققة لما تصبو إليه، وهو استرجاع مصر العروبة ووضعها على سكة الديمقراطية والحريات وتداول السلطة كي ينعم المواطن المصري بالعزة وبالعيش الكريم.
^