في لبنان المثخن بالجراح والمتخم بالوعود المؤجلة، يتقاطع هذا الأسبوع ثِقلُ الذكرى مع حدة الحاضر. من الضاحية الجنوبية حيث يستعد حزب الله لإحياء مرور عام على اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله، إلى بنت جبيل التي ارتوت أمس بدماء أطفالها في مجزرة إسرائيلية مروّعة، يتبدّى المشهد اللبناني وكأنه لوحة متشابكة من الدم والسياسة والرهانات الدولية. وفيما يسعى العدو الإسرائيلي إلى تبرير جرائمه بمزاعم عسكرية، تلوح في نيويورك كلمة مرتقبة للرئيس جوزيف عون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما خطف الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان الأضواء في بيروت مؤكداً أنّ زمن المؤتمرات والدعم الخارجي لم يحن بعد، وأن مفتاح الإنقاذ يبقى في يد الدولة اللبنانية وإصلاحاتها. هكذا يدخل لبنان منعطفاً دقيقاً تتداخل فيه رسائل الدم مع حسابات الخارج وصراع الداخل، في لحظة تختصر كل معاني الخطر والانتظار.
هذا ويحل هذا الاسبوع ثقيلا جدا على قسم كبير من اللبنانيين الذين يستذكرون فيه الحملة العسكرية الموسعة التي شنها العدو الاسرائيلي قبل عام على لبنان والتي تخللها في السابع والعشرين من ايلول اغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. الذكرى التي ينظم الحزب فعاليات شتى لاحيائها ستكون محطتها الاساسية يوم السبت المقبل في الحفل المركزي الذي يقيمه في الضاحية الجنوبية لبيروت والذي من المتوقع ان يشارك فيه عشرات الآلاف.
وسيتخلل الحفل كلمة لامين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم الذي سيؤكد فيها ثوابت الحزب وبخاصة لناحية رفض تسليم السلاح والنقاش بمصيره قبل تحرير الارض والاسرى، ووقف الخروقات واعادة الاعمار.
ويوم أمس، شهدت مدينة بنت جبيل مجزرة بعدما استهدفت مسيرة اسرائيلية بصاروخين دراجة نارية وسيارة ما ادى وبحسب مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة إلى سقوط خمسة شهداء، من بينهم ثلاثة أطفال، واصابة شخصين بجروح.
واللافت ان المجزرة وقعت في وقت كانت لجنة وقف النار الـ mechanism تعقد اجتماعها في الناقورة بحضور المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغاس. ودان رئيس مجلس النواب نبيه بري المجزرة، وقال في تصريح: «خمسة شهداء أب وثلاثة من أطفاله، ووالدتهم الجريحة سُفكت دماؤهم بدمٍ بارد في مدينة بنت جبيل، على مرأى ومسمع من اللجنة التقنية المولجة مراقبة وقف إطلاق النار، وذلك عقب إجتماعها في الناقورة، في حضور الموفدة الأميركية أورتاغوس». وسأل:» هل الطفولة اللبنانية هي التي تمثل خطرا وجوديا على الكيان الإسرائيلي؟ أم أن سلوك هذا الكيان، في القتل دون رادع أو حساب، هو الذي يُشكّل تهديداً حقيقياً للأمن والسلم الدوليين؟».
وبحسب معلومات «الديار» فان ممثل الدولة اللبنانية في لجنة وقف النار أبلغ المجتمعين برسالة واضحة مفادها ان مواصلة اسرائيل خروقاتها واعتداءاتها واحتلالها يعيق ويؤخر تطبيق اي اتفاق، وان لبنان لا يستطيع ان يواصل وحده الوفاء بالتزاماته بوقت يضرب العدو التزاماته بعرض الحائط.
*