لا «ضوء في نهاية النفق» حتى الان بغياب اي حراك دبلوماسي جدي يمكن التعويل عليه لوقف العدوان الاميركي- الاسرائيلي على لبنان الذي يهدف بحسب «الاوهام» الاسرائيلية الى «سحق» حزب الله وتغيير موزاين القوى في لبنان والمنطقة حتى لو استلزم ذلك الدخول في مواجهة مفتوحة مع ايران. وفيما اعتبر البيت الابيض امس ان لاسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ووصفت العملية في لبنان بانها محددة، وذلك في سياق اجهاض الجهود الدبلوماسية الاوروبية وخصوصا الفرنسية لتحقيق خرق مفترض، توسع نطاق المجازر الاسرائيلية ووصلت الى وسط مدينة بيروت حيث اغار الطيران الحربي مساء على مبنيين سكنيين في البسطة والنويري حيث سوي احد المباني بالارض، واصيبت شقة في المبنى الاخر، وسقط عشرات الشهداء واكثر من مئة جريح، وفيما زعمت اسرائيل استهداف رئيس وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، اعلن حزب الله ان العملية فشلت وصفا بخير. وقبل ساعات على مجزرة في بلدة الكرك البقاعية حيث استشهد 8 مدنيين وجرح 18 آخرين اثر استهداف احدى المباني السكنية.
وبات واضحا، ان لدى الحكومة اليمينية المتطرفة اجندة تعمل على تطبيقها دون اي كوابح ولديها ما يكفي من الوقت اميركيا لتنفيذها، وما يعرقلها حتى الان نجاح حزب الله باستعادة توازنه بسرعة قياسية غير متوقعة، تجسدت بريا في المواجهات القاسية والصعبة على محاور القتال جنوبا، حيث تستنزف قوات الاحتلال يوميا بفعل تكتيكات مبهرة للمقاومة، فيما تعكس الرشقات الصاروخية المكثفة على المستوطنات نجاح الحزب في تحييد قدراته الصاروخية عن الاستهداف ما يضع قوات الاحتلال امام الخيار المر في توسيع نطاق الغزو البري ما يمنح حزب الله الفرصة للتفوق في الميدان الذي يعول عليه لتغيير مسار المواجهة المفتوحة على الكثير من المفاجآت والمواجهات الصعبة.
الذعر الاوروبي
ووسط ضعف اوروربي واضح، واذعان «لقضاء وقدر» اسرائيل، اصاب الذعر الدول المشاركة في قوات «اليونيفيل» على خلفية عدم تقديم جيش الاحتلال اي تبرير لهذا الاستهداف الخطير، ووفقا لمصادر مطلعة، ثمنت الدول المشاركة بالقوات الدولية موقف حزب الله الذي اعلن عدم استهداف القوات الاسرائيلية التي احتمت بمواقع «اليونيفيل» كي لا تتعرض اوراح الجنود للخطر، وطالبت قوات الاحتلال بابتعاد الجنود عن مواقعها، لكن الرد جاء باستهداف مباشر، ودون سابق انذار، ودون اي مبرر عسكري حيث لا يوجد اي من عناصر حزب الله في محيط تلك المواقع.
لماذا استهداف «اليونيفيل»؟
وفيما طالب مندوب اسرائيل في الامم المتحدة «اليونيفيل» الانسحاب 5 كلم شمالا، تتخوف الدول المشاركة في هذه القوات من غياب الضمانات الجدية من قبل الحكومة الاسرائيلية لحماية جنودها ومواقعهم، وهذا ما سيتطلب اعادة النظر بخريطة انتشارهم كخطوة متقدمة لاحتمال سحبهم من مناطق القتال وربما من الحدود الجنوبية. وهو ما تعتقد مصادر لبنانية رسمية انه هدف تسعى اليه اسرائيل التي تحضر الى تصعيد خطير ولا تريد شهودا دوليين على الارض، ولهذا تسارعت الاتصالات بالامس مع الدول المعنية التي ابدت حرصها على الابقاء على مشاركتها في هذه القوات، اقله في ظل الظروف الراهنة، لكن لا توجد اي ضمانة بان يبقى الحال على ما هو عليه اذا ما تمادت القوات الاسرائيلية باعتداءاتها، وعندها قد تضطر تلك الدول الى تحييد عناصرها عن ساحة المعركة خصوصا انها لا تملك اي تفويض للتصرف تحت البند السابع، ووجودها القانوني يبقى وفقا للبند السادس الذي لا يخولها الدخول في اشتباك.
كيف استهدفت «اليونيفيل»؟
وكان جيش الاحتلال استهدف برج حراسة لقوات الطوارئ الدولية في المقر العام في منطقة رأس الناقورة، واكدت «اليونيفيل» تعرض مواقع مجاورة ايضا للقصف بشكل متكرر. وقد أصيب جنديان بعد أن أطلقت دبابة ميركافا النار باتجاه برج مراقبة في الناقورة، فأصابته بشكل مباشر وتسببت في سقوط الجنديين. كما أطلق جنود الاحتلال النار على موقع الأمم المتحدة 1-31 في رأس الناقورة، فأصابوا مدخل الدشمة حيث كان جنود حفظ السلام يحتمون، وألحقوا أضراراً بالآليات ونظام الاتصالات. كما شوهدت طائرة بدون طيار تابعة للجيش الإسرائيلي تحلق داخل موقع الأمم المتحدة حتى مدخل الدشمة. كما أطلق جنود الاحتلال النار عمداً على كاميرات مراقبة في محيط الموقع وعطلوها. كما أطلقوا النار عمداً على نقطة مراقبة تابعة للأمم المتحدة في رأس الناقورة، حيث كانت تُعقد الاجتماعات الثلاثية المنتظمة قبل بدء النزاع، مما أدى إلى تضرر الإضاءة ومحطة إعادة الإرسال. ودعت قوات «اليونيفيل» الجيش الإسرائيلي وجميع الأطراف الفاعلة بالتزاماتهم بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات. ولفتت الى إن أي هجوم متعمد على قوات حفظ السلام يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701.
تشاؤم غربي
في غضون ذلك، عبرت مصادر دبلوماسية غربية امام شخصيات لبنانية رسمية عن تشاؤم استثنائي حيال المرحلة المقبلة في ظل انسداد الافق امام اي حوار مع حكومة اليمين المتطرفة في اسرائيل والتي ترى انها امام فرصة تاريخية للتخلص من «اعدائها» في المنطقة، ولهذا فهي ليست في وارد التراجع عن خططها الموضوعة في الادراج منذ مدة، ويجري تنفيذها تباعا،حيث لم يبلغ التصعيد ذروته بعد في ظل اعجاب اميركي بالادارة الاسرائيلية للحرب ومنح حكومة اليمين الوقت الذي تحتاجه لاتنفيذ المهمة..
ماذا تخطط اسرائيل؟
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة «معاريف» عن ماهية المهمة وحقيقة ما يدور في ذهن القيادات السياسية والامنية الاسرائيلية ورجحت ان تكون المواجهة مع إيران خيارا حتميا لا ينبغي الامتناع عنه. ولفتت الى ان الامر يتعلق باحداث تغيير جوهري في الشرق الأوسط، يجعل إسرائيل حقيقة ناجزة في نظر جيرانها ويدفع قدماً بإنهاء النزاع في المنطقة وفق شروطها. اما لماذا الآن؟ لان المعادلة تغيرت بحسب اعتقاد اسرائيل بعد الهجمات على لبنان في الأسبوعين الأخيرين. ولان الوضع الجديد، المميز، لن يبقى هكذا أبداً، فيجب استغلاله حتى النهاية.
سحق حزب الله؟
وتعتقد القيادة الاسرائيلية الحالية انها نجحت في» سرقة الأوراق». وهي مقتنعة بان هجوم الجيش الإسرائيلي «المدهش» في لبنان ينطوي على بشرى ممكنة لتصفية هذا «المحور الخطير». وهذا لن يحصل إلا بالتصميم على الحرب. ولهذا فان اسرائيل تصر على مواصلة القتال في لبنان دون خوف، حتى الوصول إلى ترتيب يتضمن نوعاً من اتفاق سلام مع لبنان، لا يضعف حزب الله بل يسحقه على نحو كامل. وبرايها فان الفرصة متاحة، فإيران لا تملك الآن سلاحاً نووياً، وحزب الله تم اضعافه. وهاتان الحقيقتان تضعان إسرائيل في النقطة الزمنية الحالية في تفوق واضح على إيران التي ستصبح نووية بعد سنتين ومعززة بحزب الله «المرمم».
اليهود والشرق الاوسط!
ولا يتوقف «الطموح» الاسرائيلي عند اي حد، ووفق «معاريف»،فان اسرائيل تخوض هذه الحرب تحت عنوان «الازدهار والسلام» في المنطقة، وهي ستستقبل بأذرع مفتوحة في الشرق الأوسط، وسيكون هناك اعتراف بالارتباط التاريخي لليهود في البلاد، وسيتم الاعتراف بحق الشعب اليهودي في إقامة سيادة في الشرق الأوسط». ولهذا لا يجب الامتناع عن حرب إقليمية بأي ثمن. اما إذا ارتكب الإيرانيون الخطأ وقرروا الرد، فستكون لاسرائيل فرصة لمرة واحدة، براي الصحيفة، بان تهاجم المحور وتضعفه، وتعطي أملاً لما اسمته المحور المعتدل في الشرق الأوسط».
«اوهام» بعيدة المنال
من جهتها، تقر مصادر مقربة من حزب الله بان اهداف الحرب الاسرائيلية هذه المرة ليست تكتيكية وانما استراتيجية وتهدف الى تغيير وجه المنطقة، وترتيب الشرق الاوسط الجديد وفقا لشروط اذعان واشنطن وتل ابيب، لكن هذه الاوهام لن تصبح حقيقة بسبب الحسابات الاميركية والاسرائيلية الخاطئة المبنية على الاستعجال في استنتاج التمكن من اضعاف حزب الله ومحاصرة ايران. وتدعو تلك المصادر الى مراقبة الميدان جنوبا، وفي الاقليم ايضا، وعندها سيكتشف كل من يراهن في الداخل اللبناني وفي الخارج على ضعف المقاومة انه يعيش «نشوة» انتصار كاذبة لن تدوم طويلا.
تكتيكات المقاومة
في هذا الوقت، وسعت قوات الاحتلال من دائرة استهدافاتها وشنت غارتين في بيروت على مبان سكنية في النويرة والبسطة، زاعمة استهداف رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا الذي اعلن حزب الله لاحقا انه بخير. فيما ارتكبت مجرزة بحق المدنيين في بلدة الكرك في زحلة حيث سقط عشرات الشهداء والجرحى. من جهتها تعتمد المقاومة في المواجهة على 3 مسارات متوازية، ووفقا لمصدر ميداني، قسمت المهام على القوات المقاتلة حيث يعمل جزء منها على صد قوات الاحتلال المتقدمة، والقسم الآخر يقوم بتوجيه ضربات للقوات المحتشدة خارج الحدود، فيما تتولى وحدة الصواريخ دك المستوطنات القريبة والبعيدة. وقد جرى بالامس استهداف 5 آليات مع عناصرها. وجرى صد العديد من التوغلات على اكثر من محور. وفي بعض النقاط استعملت مواقع قوات «اليونيفيل» كدروع بشرية وخصوصا في ميس الجبل.
القلق الاسرائيلي من الفشل
في هذا الوقت، بدات الاصوات ترتفع داخل كيان العدو مطالبة بتفسيرات حول الفشل في منع سقوط صواريخ حزب الله في المستوطنات، ولفت عدد من المعلقين وفي مقدمتهم المحلل العسكري الون بن ديفيد الى ان حجم الرشقات الصاروخية اظهر قدرة حزب الله على ادراة المعركة، وتبين انه لا يمكن حماية كريات شمونة وغيرها من المدن لان الحزب قادر على اطلاق كمية كبيرة من الصواريخ التي لايمكن اعتراضها وهذا يفسر سقوط 40 صاروخا في امكان مختلفة في كريات شمونة، وقال بن ديفيد «عدنا الى ما قبل توسيع العملية العسكرية في لبنان واستعاد حزب الله كفاءته وهو ينجح في تحدي القبة الحديدية وصواريخه تصل الى كل مكان». ومن هنا دعا البعض الى الذهاب الى وقف النار والقبول بتسوية سياسية لان حزب الله ارسل «رسالة» واضحة انه ما يزال قادرا على القتال لفترة طويلة.
عمليات وغارات
واستهدف حزب الله مستعمرة كريات شمونة بصلية صاروخية كبيرة. كما قصف تجمعا لجنود الجيش الإسرائيلي في معيان باروخ برشقة صاروخية، واستهدفت المقاومة أيضاً تجمعاً لجنود إسرائيليين في بيت هلل في الجولان، وكذلك تجمعا لجنود العدو الإسرائيلي في كفرجلعادي بصلية صاروخية».وشن الطيران الاسرائيلي امس، سلسلة غارات على بلدة البازورية في قضاء صور واستهدف بصاروخ وسط بلدة دبين. وسجلت غارة على ميفدون تسببت بسقوط ضحايا واصابات…ايضا، استهدفت غارة بلدة الضهيرة الحدودية في القطاع الغربي . ونفذ الطيران سلسلة غارات على بلدتي الخيام وعيتا الشعب. كما استهدفت غارة منزلا في بلدة المعشوق شرق صور واخرى بلدة محرونة ما ادى الى استشهاد 5 اشخاص. اما بقاعا، فشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على بلدة حوش السيد الحدودية مع سوريا والتي يوجد بقربها حاجز للجيش اللبناني ما أدّى إلى إصابة عدد من العسكريين وصفت إصاباتهم بالطفيفة. وتحدّث مصدر عسكري لبناني عن إصابة 6 جنود جراء الغارات قرب حاجز الجيش. كما تعرض محيط مدينة الهرمل الى عدد من الغارات. وشن الطيران غارة على سحمر.
الضمانات والنفاق الاميركي
في هذا الوقت، حذرت مصادر سياسية من النفاق الاميركي، ولفتت الى ان ما حكي عن «اتفاق شفهي»بين واشنطن وكيان الاحتلال للتقيّد بخطوط حمر تشمل تحييد المطار والطريق المؤدي اليه، والبنى التحتية ،والجيش ومواقعه،ومؤسسات الدولة، لا يمكن البناء عليه على المدى الطويل، لانه لا توجد اي ضمانات بهذا الشان خصوصا اذا ما تعثرت الخطط البرية الاسرائيلية، ولهذا فان الحكومة تتعامل مع هذا الملف على طريقة «المياومة» ولا خطط واضحة «لليوم التالي».
الوضع الامني ممسوك
داخليا، بدا تطبيق الخطط العملانية لمنع الفوضى الداخلية، ونجحت القوى الامنية في ضبط الوضع الامني باجراءات معلنة واخرى بعيدة عن الاضواء، وجرى نشر عناصر قوى الأمن في بيروت بمهمة حفظ الأمن والنظام ووضعت بجهوزية تامة للاستجابة لأي حالة طارئة على الأراضي اللبنانية ولاسيما أماكن تواجد النازحين. ووفقا لمصادر متابعة لا خوف حتى الان خروج الاحداث المتفرقة عن السيطرة وقد تمكنت الاجهزة الامنية من استعادة زمام المبادرة واستيعاب حركة النزوح غير المسبوقة، وثمة قرار امني – سياسي على اعلى المستويات بالضرب بيد من حديد لمنع اي محاولة للعبث بالامن الداخلي، وقد بدأ المواطنون يلمسون تل الاجراءات على الارض.
ضغوط اميركية ..وترحيل!
في هذا الوقت، وبعد ضغوط اميركية رحلت السلطات الأمنية- السياسية الصحافي الإسرائيلي يشوع تارتاكوفسكي الذي اعتقل أمس الاول في بيروت بتهمة التجسس، وقالت صحيفة «إسرائيل هيوم» الاسرائيلية إنه تم ترحيل تارتاكوفسكي من لبنان إلى الولايات المتحدة بعد «تدخل» أميركي،وكان تارتاكوفسكي دخل لبنان قبل نحو أسبوعين بجواز سفر بريطاني، لكنه أثار الشكوك وتم اعتقاله بعد العثور على هوية إسرائيلية بحوزته وتشير حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها بيروت!