عدوان عشوائي على المدنيِّين اللبنانيِّين، أسقط فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي نموذج مجازره في غزة على لبنان، حيث لفّ بزنار من الدم والنار والدمار مختلف المناطق اللبنانية في الجنوب من صيدا إلى صور والناقورة والنبطية وامتداداً إلى جبل الشيخ، وكذلك البقاع الغربي ومعظم قرى وبلدات البقاع الأوسط والشرقي، اتبع مساء بهجوم صاروخي على منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية، تردّد أنّه محاولة لاغتيال قائد الجبهة الجنوبية علي كركي. إلّا أنّ إعلام «حزب الله» نفى سقوط شهداء، مشيراً إلى إصابة 6 أشخاص بجروح طفيفة ومتوسطة.
النتيجة الأولية لهذا العدوان، مجزرة فظيعة ذهب ضحيتها نحو 1300 شهيد وجريح من المدنيّين العزّل، وحركة نزوح كثيفة من المناطق المستهدفة. تواكب مع أجواء قلق امتدّت إلى العمق اللبناني، فاقمتها حرب نفسية شُنّت على اللبنانيّين، بثّت إشاعات تخويفية للمواطنين ودعوتهم إلى إخلاء مناطقهم ومنازلهم، ولاسيما في بيروت والضاحية الجنوبية، التي شهدت بدورها حركة نزوح كثيف منها إلى مناطق اخرى.
هي حرب واسعة على المدنيِّين الآمنين، بغارات إسرائيلية جويّة وصاروخيّة ومدفعيّة على ساحات البلدات والمدن، وعمق الأحياء الآهلة والتجمّعات السكنية المكتظة بالعائلات المهجّرة من المناطق المحاذية لميدان المواجهات على خط الحدود، لتقدّم بذلك شهادة إضافية على الهوس الإسرائيلي بالحرب والتصعيد، والإجرام الذي لا سابق له في التاريخ.
إلى أين؟
وسط هذه الأجواء، تتزاحم أسئلة قلقة حول مشهد ما بَعد هذا العدوان:
هل شكّل هذا العدوان كسراً نهائياً لكل القواعد والضوابط التي كانت تحكم المواجهات بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» منذ تشرين الأول من العام الماضي؟
هل أنّ ما حصل بالأمس، مقدّمة لعدوان جوي وصاروخي أوسع يتخطّى المنطقة الجنوبية ليشمل العمق اللبناني، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت؟
هل قصدت إسرائيل من هذا العدوان الواسع والعنيف، توجيه رسالة إلى «حزب الله» بإخلاء منطقة جنوب الليطاني؟
هل هو تمهيد لعمل عسكري إسرائيلي برّي في منطقة جنوب الليطاني، ضمن خطة حربية متدرّجة ترمي إلى فرض واقع جديد تكرّر فيه مرحلة «الحزام الأمني» في الثمانينيات، لإعادة المستوطنين وحماية مستوطنات الشمال؟
هل يحظى العدوان الإسرائيلي بغطاء دولي غير معلن، حيث لوحظ في موازاته غياب أيّ حراك جدّي لاحتواء التصعيد؟
ل بدأت المنطقة تخطو سريعاً إلى الحرب الشاملة، تفتح فيها كل الساحات والجبهات؟
إلى أي حدّ سيتصاعد ردّ «حزب الله»، وهل أنّ هذا الردّ، بعدما كسرت إسرائيل كلّ القواعد والضوابط سيتطوّر إلى هجمات أرضية غير صاروخية؟