لليوم الثاني على التوالي، كان لبنان هدفاً لعدوان إسرائيلي جديد تكرّر فيه فصلٌ ثانٍ من التفجيرات الواسعة النطاق، ما يشرّع الأبواب واسعة على تدحرج الوضع سريعاً نحو منزلقات خطيرة، يزيد من احتمالاتها دفع اسرائيل بحشود عسكرية إلى الحدود الشمالية مع لبنان، وذلك في إجراء احترازي على حدّ ما نقلته وكالة «أسوشيتد برس» عن مصدر مطلع، فيما قالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية بأنّ ذلك يأتي إنفاذاً لإجراءات اقرّتها القيادة السياسية لاستعادة الردع في الشمال. ويبرز في هذا السياق، ما نقلته القناة 13 الاسرائيلية عن وزير الدفاع الإسرائيلي الذي قال: «انّ هذه ليست حماس، هذا شيء مختلف يجب ان نستعد له بشكل مناسب». وكل هذه التطورات، ولاسيما التفجيرات في لبنان، سيبحثها مجلس الامن الدولي في اجتماع قالت وكالة «رويترز» انّ مجلس الامن سيعقده يوم غد الجمعة لهذه الغاية.
صدمتان
لم يكن لبنان قد احتوى بعد، مفاعيل صدمة الثلاثاء بتفجير أجهزة «البايجر» العائدة لـ«حزب الله»، الذي خلّف الآلاف من الضحايا، حتى عاجله العدو بعد نحو 24 ساعة، بصدمة ثانية عبر تفجير مماثل واسع النطاق، للأجهزة اللاسلكية التي يستخدمها الحزب، ما ادّى إلى سقوط شهداء وجرحى، أحصت وزارة الصحة سقوط 14 شهيداً وما يزيد عن 450 جريحاً. كما ادّى الى الحاق أضرار كبرى، وحرائق في السيارات وأنواع مختلفة من الآليات، إضافة الى العديد من الشقق السكنية والمنازل في الضاحية الجنوبية وبلدات الجنوب والبقاع.
وتزامناً مع التفجير، تحدث شهود عيان عن أنّهم لاحظوا انّ الهجوم الجديد تلا بأقل من دقيقتين خرق الطيران الحربي الاسرائيلي لجدار الصوت في الاجواء، حيث توالت بعده انفجارات الاجهزة بشكل متواصل. ولعلّ اخطرها الجهاز الذي انفجر وسط المشيّعين لشهداء مجزرة الثلاثاء في الضاحية.
وفيما تردّد بأنّ التفجير طال ايضاً إلى جانب اجهزة راديو لاسلكية، أجهزة الاستدعاء، ماكينات البصمة، أنظمة الطاقة الشمسية وبطاريات الليثيوم، اكّدت بعض المصادر «انّ الأجهزة المستهدفة هي من نوع «أيكوم «V82». وبحسب وكالة «رويترز» نقلاً عن مصدر أمني فإنّ «أجهزة الاتصالات التي انفجرت امس (الاربعاء)، تمّ شراؤها من قبل «حزب الله» قبل 5 اشهر». فيما اعلنت «أوجيرو» انّها لم تسجّل اي خرق على الشبكة الوطنية من قبل العدو او من قبل اي جهة اخرى.
مرحلة ثانية
الى ذلك، نقل موقع «اكسيوس» عن مصدرين، انّ اسرائيل فجّرت آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكية التي يستخدمها عناصر «حزب الله» في لبنان، وهذا الهجوم هو المرحلة الثانية من العملية الاستخبارية الاسرائيلية ضدّ شبكة اتصالات «حزب الله».
واشار الى انّه برغم انّ نطاق التفجير كان واسعاً، الّا انّ انفجار الاجهزة لم يكن كبيراً». ونقل الاعلام الاسرائيلي عن غالانت قوله: «نحن في بداية مرحلة جديدة من الحرب. ومركز الثقل يتحوّل الى الشمال من خلال تحويل الموارد والقوات».
وفي سياق متصل، ذكرت شبكة «سي. ان. ان» الاميركية «انّ اسرائيل أبلغت الولايات المتحدة نيتها إجراء عملية في لبنان، ولم تزودها بالتفاصيل». فيما كشف الإعلام الاسرائيلي عن أنّ الشحنات التفجيرية التي استهدفت الأجهزة اللاسلكية، هي اكبر من الشحنات التي استهدفت أجهزة «البايجر». ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عمّا سمّتها مصادر رفيعة، انّ الهدف الاستراتيجي إعادة سكان الشمال وتكليف «حزب الله» ثمناً باهظاً، واستعادة الردع».
مرحلة جديدة
ما بات أكيداً هو أنّ مجزرتي «البايجر» و«اجهزة اللاسلكي»، تعدّان فصلاً من فصول حرب الإبادة الجماعيّة التي ترتكبها اسرائيل، وتشكلاّن في الآن ذاته، انتقالاً دراماتيكيا إلى مرحلة جديدة، الكلمة العليا فيها للميدان العسكري الذي تؤشر وقائعه وتطوراته المتسارعة إلى أنّه بات يغلي باحتمالات مجهولة على شفا الاشتعال. ويوازي ذلك في الداخل، حبس أنفاس معمّم على كل المستويات، فيما الإشارات التي تتوالى من الخارج تحمل التضامن مع لبنان والإدانة للمجزرة، والقلق من التلويح الاسرائيلي بالحرب الواسعة، وتؤكّد على تغليب ضبط النفس وتجنّب الإنزلاق إلى حربٍ تشعل المنطقة بكل ساحاتها وجبهاتها.
الجو حربي
وأبلغ مصدر حكومي إلى «الجمهورية»، انّ الساعات الاخيرة شهدت اتصالات حكومية مكثفة في اتجاهات ومراجع دولية مختلفة، لردع عدوانية اسرائيل، كاشفة انّ الأجواء الدولية متأثرة بقلق كبير من التطورات الخطيرة في المنطقة وجنوح اسرائيل نحو توسيع نطاق الحرب».
بدوره، قال مصدر ديبلوماسي مسؤول إلى «الجمهورية»، انّ «الأجواء حربية، واسرائيل تخلق بعدوانيتها وضعاً يتدحرج مسرعاً نحو لحظة الإشتعال، التي تبدو وشيكة».
واشار الى انّ الأفق معدومة فيه رؤية اتجاهات الرياح الساخنة، وهو أمر نلمسه في مشاوراتنا عبر الديبلوماسية، حيث تتقاطع التقديرات الدولية على قلق كبير من أنّ الامور باتت مفتوحه على تطوّر المواجهات الى صراع واسع النطاق.