ينهار الناتج، يتعاظم الفقر، يحلّق التضخّم، تختلّ جميع الموازنات وتعلن المصارف إفلاسها، ويبقى الاستيرادُ الثابت الوحيد في الاقتصاد اللبناني.
يفترض المنطق الاقتصادي تحسّن الميزان التجاري إبّان الأزمات، ولا سيما النقدية المتّصلة بانهيار قيمة العملة. فيتراجع الاستيراد نتيجة ضعف القدرة الشرائية، ويزداد التصدير نتيجة تراجع الكلفة الإنتاجية وقوّة المنتجات الوطنية التنافسية. لكن هذا لم يحصل في لبنان.
ومع استثناء التراجع الكبير في عجز الميزان التجاري في العام الأول على الانهيار 2020، إلّا أنّ العجز عاود الارتفاع في الأعوام التالية. إذ تفيد أرقام الجمارك اللبنانية بارتفاع العجز من 7.75 مليار دولار في العام 2020 إلى 9.75 مليار دولار عام 2021. ومن ثم إلى 15.56 مليار دولار عام 2022. ثم عاود الإنخفاض بنسبة 10.1 في المئة فقط في العام الماضي، محقّقاً عجزاً بقيمة ناهزت 14 مليار دولار.
تحسّن طفيف في عجز ميزان المدفوعات
يعود التحسّن الطفيف في عجز ميزان المدفوعات، إلى تراجع الاستيراد وارتفاع الصادرات. وفي الواقع، لا انخفاض إجمالي السّلع المستوردة بنسبة 4.85 في المئة يعوّل عليه، ولا ارتفاع الصادرات بنسبة 18.53 في المئة يُمكن أن يُبنى عليه. لأنّه كما قيل، ما زال مقدار السلع المستوردة ضخمًا ويبلغ 18 مليارًا و130 مليون دولار. بالإضافة، ، تثير بنية الصادرات أسئلة مشروعة عن مدى استفادة الاقتصاد من صادرات القطاعات الانتاجية الحقيقية، أي عن القيمة المضافة التي تولّدها هذه الصادرات ومساهمتها في رفد البلد بالعملة الصعب.
الإستيراد لا يزال مرتفعا
أكّد مدير عام الإقتصاد محمد أبو حيدر لجريدة الدّيار، أنّه لا يزال اليوم الاستيراد بمحلّ مرتفع، نسبةً للوضع الإقتصادي القائم في لبنان.
ولفت إلى أنّه لدينا عجز يقارب الـ 14 مليار دولار، مقارنةً بـ17 مليار دولار من الإستيراد و3 مليار دولار من الصّادرات.
أبو حيدر أشار إلى أنّ لبنان، لا يزال حتّى الساعة، بلد قائم على الإستيراد لأنّ لبنان يستهلك ما يزيد عن 80 % من أكل ومستورد ، وضمنًا تُحتسب الموادّ الأولية.
من هنا، يجب دعم القطاعات المُنتجة، والتفكير جدّيًا بالتحوّل من إقتصاد ريعيّ، إلى إقتصاد مُنتج بالإضافة إلى الخدمات المطلوبة في لبنان، مثل القطاع السياحي، القطاع الإستشفائي، القطاع التّربوي، وما شابهه. وفي هذه الحالة، على حدّ تعبيره، سيكون قد خفّفنا الضغط على الدّولار في السّوق للإستيراد، ونكون قد حمينا الأمن الغذائي في الوقت عينه.
وشرح: كان الدّولار مرتفعًا، نتيجة إستيراد المشتقات النفطية والبنزين، بشكلٍ كبيرٍ جدًا من الخارج. وهذا الموضوع ليس سهلًا. نحن استوردنا بما يفوق الـ5 مليار دولار بما يتعلّق بموضوع الفيول والمشتقات النفطية. وهو يعدّ رقمًا كبيرًا.
وقال: لبنان اليوم، يواجه عجزًا في الميزان التجاري بينما تبيّن لنا أنّ الإستيراد – في حال أردنا أن نقيسه على الناتج المحلي- تخطّى الـ90%. الناتج المحلي يسجّل من الـ22 إلى الـ25 مليار دولار، إذا استوردنا بقيمة الـ17 مليار ونصف المليار. إذًا نحن نستورد بما يقارب الـ 90 % من الناتج المحلّي. بينما سابقًا، كنا نستورد 30% من الناتج المحلّي.
وأكّد أنّنا استوردنا بما يفوق الـ4 مليار دولار بموضوع المشتقات النفطية، إذًا 4 مليار دولار تقريبًا من الـ17 مشتقات نفطية. وكمواد غذائية، ستشكل حوالي الـ15 إلى الـ 16% من الإستيراد.
من هي الدول العشر المصدرة الى لبنان والمستوردة منه؟
كشف تقرير للغرفة الدولية الملاحة في ببروت جرى نشره لشهر نيسان 2024، عن أنّ إحصاءات إدارة الجمارك اللبنانية أفادت بأنّ القيمة الإجمالية لفاتورة الاستيراد إلى لبنان بلغت 17,524 مليار دولار أميركي عام 2023، مقابل 19,054 مليار دولار عام 2022، أي بتراجع قدره 1,530 مليار دولار ونسبته 8,03% .
وأدى تراجع فاتورة الإستيراد إلى لبنان في العام 2023 إلى انخفاض عجز الميزان التجاري اللبناني إلى 14,529 مليار دولار، مقابل 15,563 مليار دولار اي بانخفاض قدره 1,034 مليار دولار ونسبته 6,64 %.
كما بينت الإحصاءات أن الإمارات العربية المتحدة احتفظت بالمرتبة الأولى بالإستيراد من لبنان عام 2023 حيث استوردت سلعًا وبضائع لبنانية بـ 591 مليون دولار، ما نسبته 19,73 % من فاتورة الإستيراد من لبنان البالغة 2,995 مليار دولار .
بينما تقدمت تركيا إلى المرتبة الثانية بإستيرادها بـ 292 مليون دولار اي ما نسبته 9,75 % من فاتورة الاستيراد من لبنان.
في حين احتفظت مصر بالمرتبة الثالثة بإستيرادها بـ 163 مليون دولار اي ما نسبته 5,44 % من فاتورة الاستيراد من لبنان.
كما حافظ العراق على المرتبة الرابعة بإستيراده بـ 154 مليون دولار اي ما نسبته 5,14 % من فاتورة الاستيراد من لبنان.
بينما احتلت سويسرا المرتبة الخامسة باستيرادها 145 مليون دولار، تليها المملكة المتحة الأميركية في المرتبة السادسة باستيرادها 122 مليون دولار، قطر في المرتبة السابعة باستيرادها بـ104 مليون دولار، سوريا والاردن في المرتبين الثامنة والتاسعة، وأخيرًا كوريا الجنوبية بالمرتبة الأخيرة.
الصين في صدارة الدول المصدّرة إلى لبنان
حَلَّت الصين في المرتبة الاولى على لائحة الدول المصدِّرة إلى لبنان حيث وصلت فاتورة صادراتها إلى 2.68 مليار د.أ. (أي 14.04% من فاتورة الإستيراد)، تلتها تركيا في المرتبة الثانية ومن ثم اليونان وايطاليا في المرتبتين الثالثة والرابعة.
أمّا ايطاليا والولايات المتحدة في المرتبتين الخامسة والسادسة. ومصر في المرتبة السابعة، تليها روسيا، من ثم ألمانيا، ختامًا الإمارات العربية المتحدة التي احتلت المرتبة العاشرة.
المصدر:”الديار – مارينا عندس”
**