في انتظار تطبيق حكومة تصريف الاعمال للتوصية النيابية، التي أصدرها مجلس النواب امس الاول الاربعاء بخصوص ملف النازحين السوريين، تبقى الهواجس من عدم تنفيذ تلك التوصيات، على الرغم من التجاوب وشبه الاجماع الذي بدا من قبل معظم الافرقاء السياسيين، ودعوتهم الى التعاون مع جميع الاطراف المعنية بالملف للوصول الى الحل، ما يعني انه للمرة الاولى يحصل توافق على ملف، لانّ تداعياته السلبية شملت جميع اللبنانيين، وبات الملف القضية الابرز على الساحة اللبنانية، من ناحية خطورتها وتبعاتها التي تكبر يوماً بعد يوم، حتى وصلت الى المخاطر الامنية التي تتنقل من منطقة الى اخرى، وتؤدي في معظم الاحيان الى سقوط قتلى وجرحى، والوضع قابل للتطور وفق ما يحصل يومياً وفي معظم المناطق، الامر الذي أوجد المخاوف لدى اللبنانيين عموماً بمختلف انتماءاتهم، لذا باتوا يصرّون على إيجاد حل بأقصى سرعة لهذه المعضلة، التي بدأت منذ 13 عاماً وتفاقمت بكشل كبير لغاية اليوم.
هذه الصورة القاتمة التي رسمها باسيل، أطلقت العنان للهواجس المسيحية بصورة خاصة، بالتزامن مع نظرة المجتمع الدولي الى مصالحه، لتتوالى المواقف والرسائل الغربية لإبقاء النازحين في لبنان ومساعدتهم مادياً من قبل الجمعيات الدولية، والقصة ليست وليدة اليوم، اذ بدأت الرسائل الدولية تصل تباعاً منذ العام 2016 ، والكل يستذكر ما قاله حينئذ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ضمن تصريح صاعق حول حق اكتساب النازحين السوريين للجنسيات في البلاد التي نزحوا اليها، اي ما يمكن ان يفتح باب توطين السوريين في لبنان منذ ذلك الحين، وحين علت اصوات المعارضين لهذا التصريح، جرى استدراك ومحاولة دولية لتلطيف الموقف، والقول ” انّ التقرير المذكور لم يتحدث عن توطين أو تجنيس للنازحين، وان حل هذه الازمة لن يكون إلا سياسياً وعندما تسمح الظروف بعودتهم”.
إنطلاقاً من هنا، يبدو انّ المخطط كان مرسوماً منذ العام 2016 ولربما قبل ذلك، وصولاً الى ما صدر في تموز الماضي عن البرلمان الأوروبي، الذي صوّت بأغلبية ساحقة على قرار يدعم إبقاء النازحين في لبنان، فعلت بعض الاصوات الرافضة، فيما حكومة تصريف الاعمال كانت تتلهى بالخلافات بين وزرائها على هوية مَن سيترأس الوفد الوزاري الى سوريا، الامر الذي دفع بمصادر سياسية متابعة للملف الى التحذير من اتفاق عربي- اوروبي خفي، وذكّرت بمواقف المسؤولين الدوليين، حين هدفوا قبل عقود من الزمن الى حلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب لبنان، فأيدت ذلك بعض الجهات السياسية انطلاقاً من منحى طائفي، فكانت النتيجة ثمناً باهظاً دفعه لبنان واللبنانيون فقط، لكن ومع انتهاء الحرب اللبنانية حصل إجماع بكل الفئات السياسية على رفض التوطين، والتأكيد على حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم، بحسب القرارات الدولية لا سيما القرار 194.
وأبدت المصادر المذكورة تشاؤماً من انتشار رائحة التوطين قريباً، وعندئذ ستؤدي المذهبية دورها عبر تأييد بعض القوى السياسية لبقاء النازحين، انطلاقاً من شعور انساني، فيما الوضع يتطلب قراءة جيدة للاخطار التي وصلت الى ذروتها، مشدّدة على ضرورة عودة هؤلاء الى بلادهم، اذ لا يمكننا القبول بما يلزمنا المجتمع الدولي بتطبيق ما يمتنع عن تطبيقه في دول أخرى.
المصدر :”الديار – صونيا رزق”
**
**