اين اصبح موضوع الودائع ؟
يبدو ان مصيرها ما زال مجهولا وحلها في عالم الغيب في الوقت الذي تستمر المصارف ومن ورائها مصرف لبنان في ممارسة الهيركات عليها بعد مضي اكثر من اربع سنوات على الانهيار النقدي والمالي والاقتصادي، حتى مصير رفع الدولار المصرفي الذي ارتضى به المودعون مكرهين ما زال موضع نقاش بين السلطتين المالية والنقدية حول من هو صاحب القرار في رفعه الى ٢٥ الف ليرة في الوقت الذي تطبق هاتان السلطتان الدولار على سعر ٨٩٥٠٠ ليرة مع العلم ان الدولار المصرفي يطبق حاليا على سعر 15 الق ليرة اي هيركات بنسبة 85 %.
مصادر مصرفية مطلعة اعتبرت ان كل الخطط التي وضعتها الحكومات كانت تقضي على القطاع المصرفي وتحمله الخسائر والفجوة المالية في المقابل المصارف تمكنت في بدء الامر من ربح موضوع عدم شطب الودائع الذي اقره مجلس شورى الدولة وتستعد اليوم لرفع دعوى ضد الدولة اللبنانية لاسترداد اموالها التي هي اموال المودعين مما يؤدي الى افلاس الدولة لانها غير قادرة على رد هذه الودائع، الاقتصاد الوطني بحاجة الى القطاع المصرفي لاعادة نهوضه والوطن بحاجة الى الدولة اللبنانية من اجل الانتظام العام وفي كلتا الحالتين الموضوع متشابك ومعقد ولاجل هذه الغاية لم يتم وضع موضوع الودائع على طاولة التفاوض حول كيفية معالجة هذه القضية .
وتتابع هذه المصادر المصرفية الحديث بالتأكيد ان كل الخطط لم تؤد الى النتيجة التي يريدها المودعون حتى اخر الخطط التي كان من المقرر ان يدرسها مجلس الوزراء تم سحبها بعد سلسلة الاعتراضات عليها كونها لا تعطي الوديعة لصغار المودعين الذين يملكون اقل من ١٠٠ الف دولار الا بدولارات قليلة ولمدة تتجاوز خمس عشرة سنة خصوصا ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اعلن أن “كل الودائع الصغيرة تحت 100 الف دولار ستعمل الحكومة على إعادتها بالكامل وبأسرع وقت للعملاء، أما المبالغ الأكبر من ذلك فنعمل على إعادتها أيضا للعملاء لكن ضمن خطة زمنية أطول” ولكن لغاية الان لم تتبلور اي خطة لوضع كلام ميقاتي موضع التنفيذ.
لكن قرار مجلس شورى الدولة ابطل اتجاه الحكومة الذي يلغي ديون مصرف لبنان بالعملات الاجنبية تجاه المصارف ومنع شطب الودائع مما ادى الى قوة دفع للمودعين والمصارف معا بحيث لا يمكن للحكومة ان تستمر في التجاهل وشطب الودائع بل عليها ان تخضع لقرار مجلس شورى الدولة الذي سيكون الخطوة الاولى في رحلة الالف ميل .
خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي يقول في هذا الاطار :
”مسألة الودائع” – الودائع ليست بمسألة. هناك أزمة ثقة بين المجتمع اللبناني ومكونات السلطة الحاكمة وأزلامها انعكست على أداء القطاع المالي – من مصرف لبنان إلى المصارف التجارية إلى الزبائن النافذة – وتسببت بحجز مليارات الدولارات من أموال الناس والدولة بكل فروعها الأمنية والرقابية والقانونية تتفرج، وهذه اللامبالاة المدمرة تستمر حتى اليوم!
وهنا تكمن المسؤولية
ورأى كبير الاقتصاديين قي بنك بيبلوس نسيب غبريل أن اول تحد للقطاع المصرفي هو تحديد مصير الودائع الذي يعتبر العائق الأساسي للقطاع المصرفي منذ اندلاع الأزمة لافتاً أن المودع بحاجة إلى ثلاثة أجوبة حول موضوع الودائع: أولاً ما هو مصير الودائع، ثانياً بأي طريقة سيستردها ثالثاً بأي مهلة زمنية سيتمكن من استخدامها، مشيراً أنه لغاية اليوم و بعد أكثر من أربع سنوات على الأزمة لم تقدم السلطات أي جواب عن هذه الأسئلة الثلاثة، لأنه لا يوجد إجماع على جذور الأزمة وبالتالي لا يوجد إجماع على الخروج من الأزمة.
وتحدث غبريل عن نظرية تقول ان ديون الدولة لمصرف لبنان هي خسائر وليست التزامات معتبراً أن هناك إهمالا للمادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تقول ان وزارة المالية هي المسؤولة عن تغطية الخسائر السنوية لمصرف لبنان، “وهذا الأمر يعني أنه ليس هناك إجماع على تحديد مصير الودائع”.
في خضم كل ذلك يبقى السؤال الذي يطرحه كل مودع: متى تعود ودائعنا ؟
الخطة الاخيرة لاعادة تنظيم القطاع المصرفي سقطت لانها لم تعط المودع حقوقه وفضلت ان تحيد الدولة اللبنانية عن مسؤولياتها في هذا الاطار وما دامت هذه الدولة لم تعترف بذلك فعبثا تعاد الودائع رغم طرح العديد من الحلول لاعادة الودائع ومنها انشاء صندوق لاستردادها فهل سينتظر المودع الاشهر والسنوات لنيلها واستردادها ؟
المصدر:”الديار – جوزف فرح”
**