إعتبر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عباس الحاج حسن أن الضربات الإسرائيلية على جنوب لبنان، “منعت المزارعين في القرى الجنوبية المتاخمة للأراضي الفلسطينية المحتلة من الوصول إلى أراضيهم لجني الثمار أو زراعة المحاصيل ومواصلة النشاط الزراعي، وهو ما أثر على ما يصل إلى 30 في المئة من الإنتاج الزراعي اللبناني”.
وقال الحاج حسن، في حديث لصحيفة “الدستور” المصرية: “التأثير الواقع علينا ينقسم إلى شقين؛ مباشر وغير مباشر، واليوم نلحظ تراجعا في الكميات الإنتاجية للقطاع الزراعي، خصوصًا أن الجنوب كان يمثل ما لا يقل عن 25 إلى 30 بالمئة من الناتج المحلي، فضلا عن إسهامه في عمليات التصدير. وهو ما انعكس على ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة في لبنان بالتزامن مع شهر رمضان المبارك”.
وتحدث عن خسائر قطاع الزراعة منذ بدء العدوان، قائلا: “لا يمكن لنا حتى الآن، حصر النتائج السلبية والخسائر، لأن الحرب ما زالت قائمة، ولكن الخسائر تتخطى مليارات الدولارات. فنحن نتحدث اليوم عن مواسم زراعية، ومزروعات لم نستطع جنيها، وكثير من المزارعين لا يستطيعون الوصول إلى أراضيهم منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فضلا عن كثير من الأراضي الزراعية التي جرى تبويرها نظرا لصعوبة النشاط الزراعي في الجنوب، خصوصًا المناطق المتاخمة للأراضي الفلسطينية المحتلة، مثل قرى «الخيام» و«مرجعيون» وباقي المناطق وصولًا إلى البحر الأبيض المتوسط عند الناقورة. وبالتالي فإن من السابق لأوانه أن نحصر مدى الضرر التي تكبدها قطاع الزراعة اللبناني منذ بدء العدوان، وكيف أثر القصف الإسرائيلي المتواصل على جنوب لبنان”.
أضاف: “من المؤكد لدينا أن حجم الإنتاج الزراعي في البلد، وحركة الصادرات الزراعية اللبنانية تأثرت بشكل كبير، حيث انخفضت بمعدل 25 إلى 30 في المئة كما أسلفت، والإنتاج المحلي كان مرهونا بإنتاج الجنوب اللبناني، وبالتالي هذا الأمر أثر سلبا على قطاع الزراعة والصادرات الزراعية، ولا يمكن لنا اليوم العودة إلى معدلات إنتاجنا الكاملة من منطقة الجنوب.. الآن نتحدث عن أشجار مثمرة لا يمكن لنا جنيها نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية والقصف المتواصل، واستهداف المزارعين من أهلنا في الجنوب”.
وسئل عما إذا كان يحق للبنان طلب تعويضات من دولة الاحتلال بسبب هذه الخسائر خصوصًا مع ثبوت استخدام إسرائيل الفسفور الأبيض، فقال: “الفسفور الأبيض يلحق أضرارًا جسيمة بالأراضي الزراعية والأنهار. ونحن في وزارة الزراعية رفعنا شكاوى عبر الحكومة التي كلفت وزارة الخارجية بتوجيهها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حتى لو كنا نعرف أن هذه الشكاوى لن تصل إلى نتائج، ولكن لأننا دولة نتمنطق بمنطق القانون الدولي آلينا على أنفسنا أن نلتجئ إلى هذه المنظمات الدولية؛ عسى أن تستفيق. وسنطالب المجتمع الدولي بتعويضات، وسنغرم العدو الإسرائيلي ما استطعنا، سواء تعويضات لأسر الشهداء من المدنيين، أو الصحفيين والإعلاميين الذين استشهدوا بنيران العدو، أو فيما يخص الأضرار المادية من أبنية سكنية، سواء مملوكة للدولة أو الملكيات الفردية التي دُمرت بالكامل، فضلا عن الغطاء النباتي الذي جرى إتلافه من أشجار الفاكهة واللوزيات والمحاصيل الأخرى”.
وعن “موقف حلفاء لبنان من الغرب وعلى رأسهم فرنسا تجاه هذه الخسائر الفادحة”، قال: “العالم كله يسعى لشيء واحد هذه الأيام، وهو وقف الحرب المدمرة، ووقف المجازر بحق الأبرياء الذي يسقطون كل يوم في المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني، وهنا مربط الفرس. نحن نحتاج اليوم إلى إعلاء صوت الحق، وتكوين رأي عام عالمي ضاغط لإيقاف حمام الدم، سواء في قطاع غزة أو في جنوب لبنان. أما كيفية إدارة الأزمة والتعاطي مع الخسائر، فهذا أمر أعتقد أنه يأتي في المرتبة الثانية، واليوم كل من نلتقيهم من الغربيين، ومن الجانب الفرنسي، مستعدون للدعم في القطاع الزراعي، لكن كما أسلفت فوقف الدم الذي أدى لمقتل عشرات آلاف الأبرياء هو الأولوية القصوى في غزة ولبنان”.
أما عن تأثير العدوان الصهيوني فى غزة على الاقتصاد اللبناني، فقال الحاج حسن: “الاقتصاد اللبناني لا شك تأثر بشكل كبير نتيجة عوامل متداخلة، على رأسها العمليات العدائية على غزة وعلى الجنوب اللبناني، وكذلك حركة الشحن العالمية التي أثرت على كل دول العالم بما فيها لبنان، وكذلك انخفاض الإنتاج في المناطق الجنوبية التي تعد من أخصب المناطق الزراعية في الدولة، والتي تنتج أجود أنواع الفاكهة والمنتجات الزراعية الأخرى، وبالتالي تأثر اقتصادنا الوطني في شقه الزراعي، وأيضا الشق الصناعي لأن هناك مصانع ومعامل تأثرت جراء العدوان، فضلا عن تأثر الأنشطة السياحية والتجارية، بشكل مباشر نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية والحرب الدموية البربرية في قطاع غزة وفي جنوب لبنان”.
**