لم تُقدّم شركة “توتال” الفرنسية نسخة عن تقريرها النهائي للحكومة اللبنانية، عن نتائج عملية الحفر في البئر الإستكشافية الأولى في حقل قانا الواقع في البلوك 9 من ضمن البلوكات البحرية اللبنانية الحدودية، على ما كان يُفترض في أواخر شباط 2024، رغم أنّ تقريرها جاهز بحسب معلومات موثوقة. ما يعني أنّها تنكس بوعودها للدولة اللبنانية، بعد أن أوهمتها سابقاً باهتمامها بالإستثمار في البلوكين 8 و10، لتعود وترفض توقيع عقدَي الإستكشاف والإستخراج فيهما، بعد التعديلات التي وضعتها الحكومة بهدف تسريع وتيرة الحفر والإستثمار بدلاً من إطالة أمدها، على ما قدمت “توتال” في عرضَيها الى سنوات مقبلة بعد.
مصادر سياسية مطّلعة تقول بأنّ الدولة اللبنانية لا تُحاسب على النوايا بل على الأداء، وتتعامل مع الشركات النفطية العالمية وفق القانون والإتفاقيات والعقود. وما ظهر من “توتال إنرجي” كونها تترأس “الكونسورتيوم” الذي يضمّ الى جانبها “إيني” الإيطالية، و”قطر للطاقة” القطرية حتى الآن لم يكن مشجّعاً، إذ حفرت بئراً واحدة في كلّ من البلوكين 4 و9، وأعلنت عن عدم اكتشافها لمكامن غاز تجارية في كلّ منها. كما أنّ موقفها النهائي من عملية الحفر في البلوك 9 التي أنهتها قبل الموعد المحدّد لها في تشرين الأول الفائت، من دون أن تُقدّم حتى الساعة، التقرير المفصّل للدولة النهائية حول نتائج هذه العملية، ومن ثمّ اهتمامها ثمّ رفضها لعقدي الإستكشاف في البلوكين 8 و10 ، رغم تقديم تنازلات عديدة لها… كلّها أمور تؤكّد على عدم جدية “توتال” في التعاطي مع لبنان في ملف التنقيب عن النفط والغاز في بلوكاته البحرية.
واللافت أنّه رغم هذا الأداء “المُبهم” من قبل “توتال”، على ما تابعت المصادر، تبقى الدولة اللبنانية منفتحة على “الكونسورتيوم” في حال تقدّم الى دورة التراخيص الثالثة، التي انطلقت في 27 كانون الأول المنصرم وتستمر حتى 2 تمّوز المقبل، ولكن ضمن دفتر الشروط هذه المرّة. علماً بأنّ “توتال” تقدّمت الى دورة التراخيص الثانية بطلب لا يستوفي دفتر الشروط لا من قريب ولا من بعيد، ما جعل وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع النفط يضعان بعض التعديلات على شروطها، لتشجيعها على الإستكشاف في البلوكين 8 و10، غير أنّها رفضت التوقيع على العقد، الأمر الذي يفرض على الحكومة أن تكون حذرة معها في أي إتفاق مقبل لا تضمن فيه بدء الأعمال، لكي لا يكون ذريعة للمزيد من المماطلة والتسويف، وعدم تسيير قطاع النفط في لبنان.
ودورة التراخيص الجديدة هذه التي تنتهي في 2 تمّوز المقبل، على ما أضافت المصادر، تتيح للبنان عدم خسارة المزيد من الوقت للتنقيب في بلوكاته البحرية لا سيما تلك التي تُعتبر حسّاسة، نظراً لموقعها الجغرافي والصراع القائم حالياً في الجنوب مع العدو الإسرائيلي. وقد باتت تضمّ 9 بلوكات من أصل 10 معروضة للتلزيم، لا سيما مع “احتكار الكونسورتيوم” للبلوك 9، كونه لم يُقرّر بعد إذا كان يريد حفر بئر ثانية فيه أم لا. وتستفيد “توتال” من العقد الموقّع مع الدولة اللبنانية الذي ينتهي في 25 أيّار من العام 2025 ، لمزيد من إضاعة الوقت وعدم اتخاذ القرار، أي الى حين موعد نهاية مدة عملية الإستكشاف الأولى في البلوك 9، إذ تكون قد أتمّت الموجب التعاقدي بحفر هذه البئر.