ما هو مصير مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» بعد «معمودية النار» التي مرّت فيها خلال الأيام الماضية؟ وكيف تعامل معها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يشكّل «ممراً إلزامياً» لها؟
حاول تكتل «الاعتدال» ان يمرّر مبادرته الرئاسية عبر «خرم» إبرة التعقيدات المحيطة بملف رئاسة الجمهورية، وسعى من خلال ديبلوماسية تدوير الزوايا الى إيجاد تقاطعات بين القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب.
الاّ انّ ما يمكن استنتاجه هو انّ المناورة بالذخيرة السياسية الحيّة التي أجراها التكتل قد أفضت إلى تثبيت حقيقة معروفة، وليس تغييرها، وهي انّ اللحظة المؤاتية لانتخاب الرئيس لم تنضج بعد في انتظار تلاقي المسار الداخلي مع ذاك الخارجي في التوقيت المناسب.
واللافت، انّ مسعى التكتل ما لبث ان تعثر بمجرد انتقاله من «القوة» الى «الفعل»، حيث بدا انّه خضع الى اجتهادات متضاربة منحته تفسيرات متباينة، فيما يؤكّد بري انّ مضمون هذا المسعى واضح من الأساس ولا لبس فيه بتاتاً.
ويقول الرئيس بري لـ»الجمهورية» شارحاً حقيقة موقفه: «نحن أبدينا كل ايجابية ممكنة حيال مبادرة «الاعتدال الوطني» وتعاملنا معها بانفتاح، وقد تفاهمت مع نواب التكتل خلال لقائي بهم على أدق التفاصيل المتعلقة بهذه المبادرة، من الألف إلى الياء، وكانت لدينا مقاربة مشتركة للامور، وبالتالي فإنّ ما سمعناه من البعض بعد جولة التكتل ليست له علاقة بجوهر المبادرة وبما اتفقنا عليه مع أصحابها».
ويستغرب بري الفكرة القائلة بـ»تداعي عدد من النواب الى التلاقي في المجلس»، والتي يروّج لها البعض، معتبراً «انّ هذا الطرح العجيب الغريب يعكس نوعاً من الاستخفاف والخفّة على مستوى السلوك السياسي في واحدة من أدقّ المراحل التي يمّر فيها لبنان، وكأنّ هؤلاء النواب المتداعين ستجمعهم المصادفة في بهو المجلس، ثم يقرّروا بعد هذا اللقاء القدري أن يتداولوا في الاستحقاق الرئاسي».
ويؤكّد بري انّه «إذا تعذّر التفاهم على هوية الرئيس المقبل في سياق اي حوار أو تشاور مفترض، فهو مستعد لعقد جلسة انتخابية بدورات متتالية أولى وثانية وثالثة ورابعة، ولكن في حال لم نتمكن خلالها من انتخاب رئيس فمن واجبي ان اقفل محضر الجلسة ثم احدّد موعداً لجلسة أخرى في وقت قريب».
وينبّه بري إلى انّ «الإبقاء على الجلسة مفتوحة من شأنه ان يشكّل مخاطرة كبيرة لأنّه يعطّل الدور التشريعي للمجلس النيابي، في حين انّه أصبح المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال منتظمة».
ويلفت بري الى انّ اللجنة الخماسية «وافقتني على أهمية الحوار وضرورته»، ملاحظاً «انّ هناك في لبنان من يتصرّف للأسف على أساس انّ الكنيسة القريبة لا تشفي».
وللدلالة على ذلك، يستعيد بري مثالاً حياً سبق الوصول إلى «اتفاق الدوحة» الشهير، موضحاً انّه كان قد اقترح قبل الذهاب إلى قطر اعتماد سلّة متكاملة للحل، الّا انّ اقتراحه رُفض داخلياً من قبل قوى عدة، قبل أن يعود ممثلو هذه القوى ويوافقوا على السلّة المتكاملة ذاتها عندما أصبحوا في الدوحة!
المصدر: “الجمهورية – عماد مرمل”
**