جلسة درس وإقرار موازنة العام 2024 التي عقدها المجلس النيابي بجولتَيها النهارية والمسائية برئاسة رئيس المجلس نبيه بري، أمس، كان يمكن لها ان تشكّل فرصة لنقاش عاقل، يُقارب ازمة لبنان بأبعادها السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية بمسؤولية وعقلانية، وكذلك أزمته الوجودية ومصيره الجاثم فوق برميل بارود مفخّخ على امتداد الحدود الجنوبية، بإدراك حجم الخطر، وأنّ أقل الواجبات الوطنية كسر اصطفافات الشرذمة والتمزيق، وتنادي المكوّنات السياسيّة على اختلافها، إلى البحث الصّادق والمسؤول عمّا يمكن أن يُنجّي البلد ويوفّر له، ولو الحد الادنى من المناعة الداخلية في وجه العواصف الحربية التي تتكوّن غيومها السوداء في أفق المنطقة. ولكن ثبت للقاصي والداني أنّ هذا البلد مصاب بمرض مُستعص اسمه الانقسام والغربة عن لبنان، وموبوء بطارئين على العمل السياسي والنيابي شعارهم الوحيد: أنا أزايد… إذاً أنا موجود!
الجلسة من بدايتها، تحدّدت هويتها كجلسة قلوب مليانة، حيث توتّرت من لحظة افتتاحها صباحاً، ودخلت في إشكال فوري تجلّى بعد إصرار النائب ملحم خلف على الكلام بالنظام، فيما أكد بري اعطاءه الكلام بعد تلاوة تقرير لجنة المال والموازنة، حول مشروع الموازنة، تخلله سجال أصَرّ فيه خلف على عدم دستورية الجلسة، ما دفع بالرئيس بري الى مخاطبته قائلاً: “لن أجعل منك بطلا وأخرجك من القاعة”. وتبعَ ذلك هرج ومرج بعدما دخل بعض نوّاب التغيير على خط السجال، وتعالى الصراخ، وكان لافتاً خلاله الهجوم العنيف للنائب علي حسن خليل على نواب التغيير المشاركين في السجال ووصفهم بـ”قرطة مافيات”. واللافت ايضاً أن هذا السجال الذي انتهى على توتر في الهيئة العامة، استكمل بشكل عنيف وواسع وبتعابير ما فوق القدح والذم على مواقع التواصل الاجتماعي.