في انتظار ان تتبلور صورة الحراك الخارجي، سواءً لناحية شكله او مضمونه او موعده، فإنّ الداخل اللبناني يتأرجح رئاسياً بين تكهنات وفرضيات غير مبنية على معطيات جدّية، وبين توقعات يقول أصحابها إنّها مبنية على تأكيدات. واللافت للانتباه في هذا السياق، هو أنّ مستويات سياسية رفيعة، وبحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية” تقارب الملف الرئاسي بنفحة تفاؤل في إمكان إتمامه وانتخاب رئيس للجمهورية خلال فترة أسابيع قليلة، ويبرز في هذا السياق تأكيد مسؤول كبير امام بعض المقرّبين بأّنه يملك معطيات على مستوى عالٍ من الجدّية والتأكيد، تجعله يجزم بأنّ فرصة انتخاب رئيس الجمهورية بدأت تلوح في الأفق، حيث انّ هذا الاستحقاق وضع او سيوضع على نار الإنجاز لحسمه بانتخاب الرئيس خلال فترة لا تتعدّى شهر آذار المقبل. حتى انّه قال انّه مستعد لأن يراهن على ذلك. واما اسم الرئيس فسيكون مفاجئاً”.
على أنّ الفرصة التي اشار اليها المسؤول عينه، والتي تنطوي على الذهاب الى خيار رئاسي جديد غير الأسماء المعلنة، تقابلها مصادر مسؤولة عبر “الجمهورية” بتساؤلات حول كيفية ترجمتها، وكذلك حول قوة الدفع التي ستجعل هذه الفرصة ممكنة، في ظل واقع سياسي ما زال موزّعاً على جبهات رئاسيّة متصادمة، ومتصلّبة في شروطها وطروحاتها ومواصفاتها لرئيس الجمهوريّة العتيد. ومتمسّكة بـ”فيتوات” متبادلة على مرشحين، وبلاءاتها المانعة إمكانية التوافق على رئيس. ولا مؤشرات تراجعية لدى اي منها. فهذا الواقع يحتاج لكسره قدرات خارقة اثبتت فترة الفراغ الرئاسي لسنة وشهرين، انّها غير متوفرة لا من الخارج ولا من الداخل، تُضاف اليها قدرات اكبر لتليين إصرار مرشحين على المضي في المعركة الرئاسية وعدم الانسحاب منها، وهنا يجب التمعّن ملياً في ما نُقل أخيراً عن رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بأنّه ماض في ترشيح نفسه حتى ولو بقي معه نائبان.
تبعاً لهذه الصورة المتصدامة، فإنّ المصادر المسؤولة عينها “لا تنظر الى الاستحقاق الرئاسي كاستحقاق اقترب أجَل اتمامه برغم الحراكات الخارجية حوله سواءً من قِبل الفرنسيين او من قِبل القطريين، كون هذه الحراكات لم تتمكن من تحريك هذا الملف خطوة الى الامام، بل على العكس من ذلك، فإنّها لا تزال ترى انتخاب الرئيس بعيد المنال، الّا اذا حصل في البلد أمر قاهر يقلب المواقف رأساً على عقب، فينزل من جهة “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” عن شجرة لاءاتهما، وسعي كل منهما لرئيس وفق مواصفاته وتوجّهاته وسياسته، كما يدفع من جهة ثانية، ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله” الى الذهاب نحو خيار آخر غير فرنجية، علماً أنّ موقف الثنائي الثابت هو انّهما داعمان لفرنجية طالما انّه ماض في ترشيح نفسه، ولن يبادر ايّ منهما الى حمله على الخروج من المعركة الرئاسية. وبالتالي فإنّ هذا الامر القاهر لا يملك احد قدرة فرضه لا من الداخل ولا من الخارج”.
واذا كانت “القوات” كما “التيار” يؤكّدان كلّ من جهته انّه يشكّل مانعاً لأن يُفرض رئيس يُعتبر تحدّياً لهما، فإنّ مصادر مسؤولة في “الثنائي” تؤكّد في المقابل استحالة انتخاب رئيس للجمهورية بمعزل عنهما، وقالت: “على الآخرين أن يقرأوا جيداً جلسة التمديد لقائد الجيش، التي يتطلّب انعقادها نصاباً عادياً ( 65 نائباً)، ورغم كل محاولاتهم لحشد النواب لم يستطيعوا تأمينه. وبالتالي لم يكن لهذا النصاب أن يتوفر لولا مشاركة نوابنا في الجلسة. فكيف الحال بالنسبة الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تتطلب نصاب الثلثين (86 نائبا)؟”.
وتخلص المصادر الى القول: “إنّ سياسة تحمية الرؤوس والصعود إلى مرتفعات عالية من الشروط التي ثبت انّها إمعان في تعطيل موقع الرئاسة، وانّها لا ولن تمكّن اصحاب هذه الشروط من أن يأتوا برئيس بمعزل عنا، بحسب تصنيفاتهم ومواصفاتهم، وانّها لا تغيّر بالتالي في ضرورة الجلوس معنا على الطاولة وصياغة مخرج لعقدة الرئاسة”.