من بيروت الى دبي انتقل الحدث، ومعه ملف لبنان المتشعب رئاسيا وعسكريا وامنيا. فساعات بعد مغادرة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لبنان حيث التقى كبار المسؤولين، اجتمع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في الامارات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وناقشا بالتفصيل نتائج زيارة لودريان محادثاته. فهل يقدم ماكرون، المُستاء منه محور الممانعة على خلفية مواقفه المتصلة بحرب غزة، ما لم يقدمه موفده؟ وهل تتحرك الدول الخماسية مجددا في الاتجاه اللبناني، بعدما تبلغت رفض فريق سياسي التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، فتوفد قطر من يستكمل المهمة؟ ام تتركها لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لا يمانع تشريع التمديد ولكن “على هواه”؟
واضح ان سمة الفشل التي تطبع محادثات الدوحة الرباعية، تسير بنفس إيقاع فشل زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي، اقله حتى الساعة، مع عجزه الواضح عن إقناع المعنيين بحل لمعضلة الشغور الزاحف إلى اليرزة، ما لم يحصل تغيير في المواقف يؤدي إلى كسر حلقات التعطيل الوزارية النيابية، للسير بالحل المطلوب لما فيه مصلحة الجيش، أكان تمديد، تأجيل تسريح، تعيين ام تكليف.
الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان،غادر بيروت تاركا حالا من الالتباس والضياع والتخمين حول نتائج زيارته، لا يضاهيها سوى كم الفوضى الذي ينتظر لبنان عشية العاشر من كانون الثاني، ما لم يسبق سيف “إسرائيل” عزل الانقسام اللبناني، الذي سيستفيق على تداعياته اللبنانيون وجيشهم، على مشهد لم يعهدوه قبلا حتى في عز ايام الحرب، اذا استمر الجميع عالقا ومعهم الاستحقاق العسكري في “بوز القنينة”، على ما يردد مرجع ديبلوماسي رفيع.
ويتابع المرجع بأن ما سمعه لودريان من فريق مسيحي بلغة ديبلوماسية، يحمل كثيرا من الخطورة ويدفع نحو كم من التساؤلات التي لا تنتهي . ورأى المرجع ان ما تقدم زاد من خطورته كلام وزير الدفاع من بكركي، والذي تحدث من على منبرها صراحة، عن أوان التغيير الكبير في المؤسسة العسكرية، وما يحمله ذلك من رسائل للداخل والخارج، ما يطرح اشكالية كبيرة عما اذا كان مطلوب جديا من قبل الخارج، واشنطن تحديدا، حصول التغيير في قيادة الجيش، ليس فقط على مستوى القائد، إنما وصولا إلى مراكز اساسية في أجهزة القيادة وخارجها.
على هذا الصعيد تنقل أوساط سياسية على تواصل مع الجهات الأميركية المعنية، ان واشنطن غير مهتمة باسم قائد الجيش ومن يبقى او يذهب، كما أنها لا تعير مسألة اهتزاز المؤسسة العسكرية اي اهتمام، رغم كل البيانات الفارغة التي تصدر، بل ان ثمة من يدفع في واشنطن نحو “تدمير ما” يطال الجيش لأهداف غير واضحة.
وتكشف الاوساط ان الإدارة الحالية كما المعارضة في واشنطن، متفقتان على اتخاذ كل اللازم لعدم السماح لحارة حريك بالاستفادة من اللحظة الإقليمية الراهنة، وما يجري في غزة، للامساك بقرار الجيش، وهي الرسالة التي اوصلها الاميركي عبر أكثر من قناة فرنسية وقطرية إلى المعنيين في بيروت.
واعادت الاوساط سبب الاستياء الاميركي الى فقدان المؤسسة العسكرية “لمشروعيتها”، نتيجة السياسات الخاطئة للطبقة الحاكمة التي أدت إلى ضرب هيبة الدولة ومؤسساته، خصوصا الأمنية والعسكرية، فضلا عن البعد الشخصي الذي اتخذته معركة خلافة قائد الجيش، وهو مشهد يسجل لأول مرة لبنانيا.
وختمت الاوساط بالتأكيد ان المطلوب اليوم من اللبنانيين جميعا ومن القيادات التعالي عن الحسابات الشعبية، والتوقف عن نشر الغسيل الجاري، والذي أدى إلى حالة قرف لدى عسكريين الجيش بمختلف رتبهم، مذكرة بأن الهم الاساس اليوم هو الحفاظ على الجيش وحمايتها، فالكل ذاهبون ان لم يكن اليوم فغدا، اما الجيش فباق، لذلك على الجميع إعادة حساباته قبل أن تقع “الخطوبة في المعطوبة”، حيث لن ينفع بعدها الندم.
المصدر:”الديار – ميشال نصر”
**