يدخل الفوسفور الأبيض الى التربة اثناء الاستخدامات العسكرية له، كما ويمكن العثور عليه في المياه والترسبات السفلية للأنهار والبحيرات، الموجودة بمحاذاة المنشآت التي تقوم بصنع هذه المادة او تستعملها كسلاح حربي في المعارك، وعمليات الاقتتال الحادّة. ومن المحتمل ان ينتشر الفوسفور في الهواء، ويتفاعل بسرعة مع الاوكسجين لإنتاج مواد كيميائية قد تكون غير ضارة نسبيا إبّان دقائق، لكنه بالمقابل يتفاعل مع الاوكسجين في الماء. الا ان ذلك قد يحصل خلال ساعات او أيام، وقد تستقر هذه المادة في مياه تحتوي على معدل منخفض من الاوكسجين، فتتحلل الى مركّب سام جدا يسمّى (فوسفين)، والذي يتبخر الى الهواء ومن ثم يتبدّل الى مواد كيميائية اقل اذية
ووفقا للعلماء، من المرجح ان يتكدس الفوسفور الأبيض بشكل بسيط في اجسام الأسماك، التي تعيش في البحيرات والانهار وحتى الجداول الملطّخة. لكن فور وجوده في التربة يلتصق بالجزيئات ويتحول الى مركبات اقل سوءا. وقد يبقى على هيئته لعدة سنوات، إذا كان في تربة عميقة الرواسب وتحتوي على نسب ضئيلة من الاوكسجين.
بالموازاة، يتفق الباحثون على ان الفوسفور الأبيض يؤثر في صحة الانسان بطريقتين تعتمدان على الفترة الزمنية التي تم خلالها التعرّض له، بحيث ان ابتلاع هذه المادة او استنشاقها او التصاقها بالجلد او العينين، يتوقع ان تظهر التأثيرات السلبية جراء ذلك في الجهاز الهضمي للمصاب بعد مرور حوالى 8 ساعات، وتكون الآثار شديدة، وربما تؤدي الى الموت في غضون 24 الى 48 ساعة. وقد يحدث للضحية فشل في كافة أعضاء الجسم، فتحدث تفاعلات شديدة على الجهاز الهضمي والكلى والكبد والقلب والاوعية الدموية والجهاز العصبي المركزي.
سطوة هذه المادة!
في شأن متصل، كانت لجنة البيئة النيابية اجتمعت للبحث في موضوع استخدام العدو الإسرائيلي للقذائف الفوسفورية مع منظمة العفو الدولية ووزارة البيئة والصحة والزراعة، لمعرفة مخاطر وآثار هذه المادة الآني والمستقبلي على الغطاء الأخضر والمياه الجوفية والانسان، وذلك بالاستناد الى التقارير الموثقة والبراهين.
والسؤال الذي يطرح نفسه ويدور أيضا في اذهان معظم المزارعين وحتى المواطنين: متى نستطيع زراعة الأراضي الزراعية التي تم استهدافها بالفوسفور الأبيض؟
وفي هذا الخصوص، قالت مصادر وزارة الزراعة لـ “الديار”: “ان الوزارة “تنتظر التأمين الأمني للمناطق المستهدفة من اجل اجراء فحوصات للأتربة من مختلف الأماكن، التي جرى استهدافها بقذائف الفوسفور الأبيض المحرّم دوليا، بغية اصدار القرار النهائي بهذا الصدد، بالإضافة الى اجراء المسح الميداني الدقيق للأضرار”.
اضافت المصادر “لقد تمكنت فرق وزارة الزراعة من متابعة الاعتداءات بشكل يومي طول فترة استهداف العدو الصهيوني للأراضي الزراعية، وكان أشدها يوم 26 تشرين الأول 2023، حيث جرى اشعال 27 حريقا على طول الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة وحتى يوم 24 تشرين الثاني”. واشارت المصادر الى “ان المناطق التي كانت من بين الأكثر تعرضا لهذه الهجمات المجرمة 3 بلدات حدودية هي: تلال كفرشوبا بأكثر من 42 استهدافا بقذائف الفوسفور، احراج علما الشعب بأكثر من 30 هجوما، واحراج اللبونة المحاذية للحدود الغربية مع العدو الإسرائيلي”. واكدت المصادر “ان المساحات المحروقة بالكامل تتجاوز الـ 1200 هكتار، اما المتضررة فتصل الى نحو 4500”.
الخسائر بالأرقام “جسيمة”
وفنّدت وزارة الزراعة آخر الإحصاءات حول الانتهاكات التي افتعلها العدو الإسرائيلي حتى دخول الهدنة حيز التنفيذ، واتت على الشكل الاتي: “عدد الحرائق بلغ 438 حريقا، اما عدد البلدات المستهدفة في محافظة النبطية فقد بلغ 41 بلدة وفي محافظة الجنوب 12. اما بالنسبة لعدد أشجار الزيتون المعمرة الذي تم استهدافه فيتعدى الـ 53 الفا، الى جانب تدمير أشجار أخرى مثل الصنوبر والسنديان. كما استهدفت الاعتداءات الإسرائيلية 60% من المناطق الحرجية مثل (سنديان، ملول وغار)، وسجّل موسم الحمضيات خسارة كبيرة بحدود الـ 30 في المئة، و10% اعشاب متنوعة. اما بالنسبة للحيوانات فقد نفق 230 ألف طير دجاج ومن الماشية 700 رأس، وتضررت 65 خيمة زراعية جراء القصف الإسرائيلي المعادي، و270 قفير نحل، وتم تدمير كلي لمستودع اعلاف مساحته 600 متر مربع”.