كشفت مصادر مصرية، لـ”الأخبار”، عن “بلورة اتفاق في شأن تبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، يُتوقّع أن يُنجَز خلال الأيام المقبلة، برعاية قطرية – أميركية، فيما فضّلت عدم الخوض في تفاصيله، نظراً إلى الخلافات المرتبطة أولاً باشتراط الجانب الفلسطيني لإتمام الصفقة، هدنة إنسانية مدّتها خمسة أيام، وما يقابل ذلك من رفض إسرائيلي لمطلب الوقف الكامل لإطلاق النار، ثانياً”. ووفق المصادر، فإن “المباحثات الجارية الآن، والتي يشارك فيها وفد استخباري إسرائيلي موجود في القاهرة، إلى جانب الاتصالات القطرية المكثّفة، فصلت بين شقَّين: الأول مرتبط بوضع “المدنيين” الموجودين كأسرى في غزة، والثاني بالعسكريين الإسرائيليين الذين سيكون تبادلهم مقابل أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال”.
وبالنسبة إلى الأسرى “المدنيين”، والذين يحمل بعضهم جنسيات مزدوجة، فسيجري الإفراج عنهم، وهو أمر تقول الفصائل الفلسطينية إن إتمامه لن يكون سهلاً من دون وقفٍ كامل لإطلاق النار، في حين عرضت إسرائيل، عبر الوسطاء، إمكانية تمديد ساعات الهدنة بشكل يومي لإنجاز هذه العملية، ما تعتبره الفصائل غير كافٍ. كما أن جزءاً من الخلافات الخاصة في المفاوضات، مرتبط بعدم التوصّل إلى اتفاق تفصيلي حول الثمن المطلوب للإفراج عن الأسرى “المدنيين”، علماً أن من بين ما تشترطه الفصائل هنا توفير مقوّمات الحياة للشعب الفلسطيني في غزة، وإدخال المساعدات بشكل سريع، وحلّ الأزمة الإنسانية ولو بشكل جزئي، بما يتيح للفلسطينيين على الأقلّ دفن الشهداء الموجودين تحت الأنقاض”.
وفي ضوء هذا المشهد، أوضحت المصادر المصرية أن “الموقف الآن بات في يد واشنطن، خاصة أن الضغوط التي تمارسها لا تزال غير كافية، وإنْ كان هناك رهان على مواقف أوروبية يمكن أن تلعب دوراً، ولو بشكل غير مباشر، على غرار الموقف الفرنسي، إلى جانب الضغوط الموجودة على الاحتلال من الجبهة اللبنانية، وهي أمور سيكون لها انعكاس على موقف حكومة بنيامين نتنياهو، والمتأثّر بطبيعة الحال أيضاً بالاستقطاب الموجود في الداخل، والتظاهرات المناهضة لقراراته. وإذ تبدو القاهرة مقتنعة بطلب المقاومة هدنةً لأيام وليس لساعات فقط من أجل إتمام عملية تسليم الأسرى وإخراجهم بصورة تضمن حمايتهم ومن دون أن يتعرّض أعضاء الفصائل الفلسطينية لاستهداف إسرائيلي، ترفض تل أبيب، إلى الآن، تقديم التزامات واضحة مقابل عملية تحرير الأسرى التي ستجري عبر “الصليب الأحمر الدولي” من معبر رفح. ووفق مضمون الاتصالات المصرية – الأميركية، فإن موقف القاهرة الداعم لهدنة بالأيام، سببه وجود الرهائن في عدّة أماكن داخل القطاع، وبالتالي فإن تجميعهم في مكان واحد وتحريكهم يحتاجان إلى مزيد من الوقت إلى جانب إجراءات خاصة، خصوصاً أنهم موجودون لدى عدّة فصائل لا فصيل واحد”.
في المقابل، ترى مصر أن “الحديث عن إنهاء الحرب ووقف دائم لإطلاق النار، أو حتى هدنة طويلة الأمد، ليس ممكناً في الوقت الحالي، وذلك لعدّة أسباب، من بينها استمرار الدعم الأميركي – الأوروبي (خاصة الألماني) لإسرائيل، إلى جانب تصعيد لغة الخطاب من جانب الحكومة الإسرائيلية، التي لم تحقّق بعد أيّ هدف من أهداف الحرب. ومن جهتها، تخشى القاهرة نجاح تل أبيب في إفراغ منطقة شمال قطاع غزة من سكانها بشكل كامل، ما من شأنه أن يزيد من المخاطر القائمة على الحدود مع القطاع، في وقت يرفض فيه الجانب المصري بشكل واضح مطالبات إسرائيلية بتبادل معلومات استخبارية حول الفصائل في القطاع. ولكن ما تعمل عليه مصر، في الوقت الحالي، هو تجهيز القوافل الإغاثية لتسهيل دخولها فور نجاح الاتفاق على ساعات الهدنة، والمتوقّع الوصول إليها قبل نهاية الأسبوع الجاري، بما يتيح استقبال المساعدات الإغاثية، سواء الواصلة من دول عربية أو الأمم المتحدة. ويأتي ذلك فيما نبّهت القاهرة بشكل واضح، خلال اللقاءات التي جرت على هامش القمة العربية – الإسلامية في الرياض، إلى وجود نقص حادّ في احتياجات القطاع. وإلى جانب التواصل المصري مع أطراف عربية، فإن اتصالات جرت بين القاهرة وباريس لمناقشة المساعدات البحرية الفرنسية التي ستصل إلى غزة، إذ طلبت الأولى من الثانية الإسراع في هذه الخطوة لحماية أرواح المدنيين، والضغط على واشنطن لتسهيل إتمامها”.
المصدر:”الاخبار –