باكستان قرّرت ترحيل نحو مليوني أفغاني لدواع أمنيّة.
فهل تفكك “القنبلة” في لبنان أم ينفجر النزوح أمنياً ؟
المسألة ليست مجرد خطر ديموغرافي كياني، بحسب مصادر امنية بارزة تحدثت عن تسلل خطير لشبان سوريين مرشحين للعب ادوار امنية مستقبلية خطيرة للغاية، ولذلك لا تقتصر فقط على جرائم متنوعة وكبيرة تجاوزت نسبة الـ30 بالمئة، كما أعلن وزير الداخلية بسام المولوي بالأمس. ووفقا للمعلومات، ثمة لوائح اسمية يجري تنقيحها يوميا لأفراد سوريين سبق والتحقوا بتنظيمات ارهابية في سوريا، وقد تمكنوا من الدخول الى لبنان في الآونة الاخيرة، وتجري عملية تتبع دقيقة لاماكن وجودهم داخل مخيمات النزوح والمخيمات الفلسطينية، خصوصا عين الحلوة، فيما تبقى الخطورة الاكبر في التحاق هؤلاء بأقارب لهم، يعيشون في اكثر من منطقة لبنانية وخصوصا في الشمال.
ووفقا لمصادر معنية بهذا الملف، فان تحميل وزير الداخلية البلديات والمخاتير المسؤولية، يتجاوز حدود قدراتهم، وينم اما عن جهل بحقيقة المخاطر، او تعبير واضح عن العجز في التحرك ورمي المسؤوليات في “حضن” الغير، فالمطلوب خطة لإعادة النازحين ضمن إطار زمني واضح، وهو امر غير متاح اقله في اجندة الاميركيين والاوروبيين “المتوجسين” من كلام الامين العام لحزب الله السيد نصرالله حول فتح البحر امام النازحين، وليس متاحا ايضا من قبل حكومة الوزير التي يخشى رئيسها ووزير خارجيته الدخول في مواجهة مع الغرب لاسباب ومصالح شخصية، وهذا ما يمنع المبادرة الى اتخاذ قرار واضح وحاسم كما فعلت الحكومة الباكستانية مع النازحين الافغان، الذين تحولوا الى قنبلة غير موقوتة تنفجر في المساجد وفي طول البلاد وعرضها. فهل تنتظر حكومة تصريف الاعمال الانفجار الكبير “وخراب البصرة” كي تتخذ القرار المناسب؟ وهل ينفع الندم حينها؟
وفي هذا السياق، تلفت تلك الاوساط الى فرصة “ذهبية” قدمها السيد نصرالله في خطابه الاخير للحكومة اللبنانية كي تضغط على الاوروبيين في ملف النزوح، خصوصا ان وزراء ونوابا تلقوا خلال الساعات القليلة الماضية، كما رؤساء اجهزة امنية، استفسارات قلقة من مسؤولين اوروبيين رفيعي المستوى حيال جدية موقف الامين العام لحزب الله ومدى احتمال تحوله الى امر واقع. وآخر مَن تبلّغ هذه الهواجس وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري الخوري، خلال اجتماع مع وفد من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي برئاسة المنسقة المقيمة في لبنان ميلاني هاونشت، وسفيرة الاتحاد الأوروبي ساندرا دو وال، التي اقرت بالتداعيات السلبية للنزوح السوري المتزايد داخل لبنان، لكنها طرحت الكثير من التساؤلات حيال مفاعيل كلام السيد نصرالله على ارض الواقع، والحت الى ان المجتمع الدولي لن يتسامح مع اي خطوة لبنانية مماثلة، حيث ستكون النتائج “كارثية” على لبنان!
كلام دو وال، يأتي استكمالا لما قام به عدد من الديبلوماسيين الغربيين الذين حرصوا على ايصال “رسائل” تهديد مباشرة الى مسؤولين لبنانيين، ابلغوهم من خلالها ان بلادهم سترد مجتمعة على اي خطوة من هذا القبيل، حيث سيكون لبنان عرضة لعقوبات اقتصادية وديبلوماسية، تشمل عمليات الاستيراد والتصدير والتحويلات المالية، وصولاً إلى اتخاذ التدابير الديبلوماسية التي تجيزها اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية من استدعاء السفراء، وصولاً إلى قطع العلاقات الديبلوماسية، ورفع القضية إلى مجلس الأمن ليتخذ قرارا تحت الفصل السابع؟!
هذا التهويل الغربي، سيتلاشى برأي اوساط مقربة من حزب الله، اذا تم التعامل معه على نحو حاسم وجدي لبنانيا، هذه الاوساط التي اكدت ان ما قاله السيد نصرالله سيكون له ما بعده في التوقيت المناسب، تشير الى ان كل هذا الكلام الغربي الفارغ لن يجد طريقه الى التنفيذ، اذا ادرك الغربيون وخصوصا الاوروبيون، ان ثمة توجه لبناني جدي لمساعدة النازحين السوريين على الهجرة عبر البحر، لان العقوبات على لبنان لا تقاس باي شكل من الاشكال، بخطورة اغراق اوروبا بموجة نزوح منظمة، ولهذا سيأتون للجلوس الى “الطاولة” للبحث في كيفية تنظيم عودتهم الى سوريا، لكن المعركة تحتاج الى “ركاب” “ورجال”.
فهل ثمة من هو قادر على خوض المعركة او يريد ذلك اصلا من معظم الذين يصرخون ليل نهار حول خطر النزوح؟ الايام والاسابيع المقبلة ستكون حاسمة، فإما يثبت لبنان كدولة وشعب انه ليس حارس حدود مجاني للأوروبيين والغربيين الذين يعبثون بأمنه واستقراره، ويجبرهم على “النزول عن شجرة” التصعيد والعودة الى مقاربة منطقية لملف النزوح، او ينتظر انفجار “القنبلة” الموقوتة التي ستصيب شظاياها الجميع وليس طرف واحد. اما الذين يتباكون ويعتبرون النّزوح السوري خطرا وجوديا، فعليهم أن يخرجوا من حالة التكاذب والانفصام، ويوحدوا الجهود لخوض معركة تبدأ بمواجهة السياسات الغربية، وتنتهي بالتفاهم مع دمشق على آلية لتنظيم العودة ووقف النزيف عبر الحدود.
المصدر:” الديار – ابراهيم ناصر الدين”
**