ربما كانت مشكلة التنين ـ مشكلتنا مع التنين ـ أنه يريد الدخول الى الشرق الأوسط من ثقب الابرة. لن نتوقف عند قول دانييل بايبس “ذاك التنين الذي بمخالب الهررة”، وان رأت “فورين بوليسي” في مقالة أخيرة، أن أميركا لا تستطيع وقف صعود الصين.
شراكة استراتيجية مع ايران، والآن شراكة استراتيجية مع سوريا. هذا يعني التعاون السياسي والاقتصادي، وحتى التعاون العسكري. للوهلة الأولى، لا نتصور أن ذلك ممكن اذا لاحظنا كيف يتعامل الصينيون برؤوس أصابعهم مع قضايا العالم. الشراكة الروسية ـ الصينية مثالاً في ذروة الصراع بين واشنطن وموسكو .
سوريا حالة أخرى. علاقات مزمنة من التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة التي تحتل، بحجة القتال ضد “داعش”، أجزاء حيوية منها . الهدف ابقاء سوريا على صفيح ساخن، ان لتكريس التوازن مع الوجود الروسي والوجود الايراني، أو خدمة “لاسرائيل” التي تراهن على الدور الأميركي في تفكيك سوريا، ما ينعكس تلقائياً حتى على وجود حزب الله بقوته الضاربة .
الأميركيون و”الاسرائيليون” يضغطون لاحداث انفجار اجتماعي في سوريا . لا ندري اذا كان يمكن للصينيين “تعويم الحياة” هناك، وقد اقترب الملايين من حافة الجوع، ما لم تشهده سوريا حتى ابان الغزو المغولي ولا أيام سفربرلك، حين كان اللبنانيون يهاجرون الى حوران لتأمين بقائهم. اهراءات روما يفترض ان تصبح اهراءات واشنطن، أو اهراءات أورشليم …
ثمة حصار آخر للجمهورية الاسلامية. أميركا (وحتى “اسرائيل”) موجودة في اذربيجان، وهي موجودة داخل قيادات “طالبان” في أفغانستان،وفي تركيا،وفي باكستان والعراق، مثلما هي موجودة في الخليج. هذا ما يثير هواجس الايرانيين الذين أزاحوا جانباً البعد الايديولوجي (البعد الثوري) في علاقاتهم الدولية والاقليمية.
الصينيون خرقوا الحصار، وابتاعوا بمليارات اليوانات النفط الايراني. الأميركيون يكتفون بالتهويل وبالتظاهرات العسكرية. اتهام، بلغة ملائكية، آيات الله بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وأحياناً في العالم، مع تركيز حملتهم على تلك الخدعة الساذجة حول القنبلة الايرانية، وهم يعلمون أنها مسألة أيام لتكون القنبلة تحت عباءة آية الله خامنئي أو تحت عباءته، اذا أمر بذلك .
مثلما هناك في واشنطن مَن يرى أن الشرق الأوسط، كمستودع للطاقة، الفناء الخلفي لصراع الأمبراطوريات، هناك في بكين من يرى ذلك. من هنا اتجاه القيادة الصينية الى أن يكون لها أكثر من موطئ قدم في المنطقة.
هل يمكن القول، والحال هذه أن زيارة بشار الأسد للصين ستكون المدخل ليس فقط لاعادة اعمار سوريا، وانما أيضاً لاعادة احياء سوريا، بعدما أوحى “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” بأن عودة سوريا مستحيلة الى ما كانت عليه قبل عام 2011 ؟الصينيون الذين يقلدون الأميركيين في الكثير، وحتى في العيون الزرقاء، لا بد أن يقلدوهم في سياساتهم. الاساطيل هي من تشق الطريق أمام التفوق الاقتصادي . بطبيعة الحال التفوق الاستراتيجي. التنين أمام الاختبار السوري، يسقط أو لا يسقط …
المصدر:”الديار – نبيه البرجي”
**