برز في الساعات الأخير تطور لافت للانتباه، تجلّى في الرسالة التي وجّهها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى 38 شخصية نيابية، يمثلون مختلف الكتل والتوجّهات النيابية، والتي تضمّنت سؤالين حول مواصفات رئيس الجمهورية، وكذلك حول اولويات العهد الرئاسي الجديد.
قال لودريان في رسالته: «خلال زيارتي الى لبنان بين الخامس والعشرين والسابع والعشرين من شهر تموز، بصفتي موفداً خاصاً لرئيس الجمهورية الفرنسية من اجل لبنان، أجريت لقاءات مع ممثلين عن كافة القوى السياسية التي تشغل مقاعد نيابية في مجلس النواب اللبناني، بما فيها تلك التي تمثلونها».
اضاف: «ونظراً للضرورة الملحّة للخروج من الطريق المسدود الحالي على الصعيد السياسي، الذي يعرّض مستقبل بلدكم لمخاطر جمة، اقترحت عليهم ان ادعوهم في شهر ايلول إلى لقاء يرمي إلى بلورة توافق بشأن التحدّيات التي يجب على رئيس الجمهورية المستقبلي مواجهتها والمشاريع ذات الأولوية التي يجب عليه الاضطلاع بها، وبالتالي، المواصفات الضرورية من اجل تحقيق ذلك».
واضاف: «وبهدف التحضير لهذا اللقاء، اوجّه اليكم هذه الرسالة طالباً منكم بشكل رسمي إجاباتكم الخطية والموجزة قدر المستطاع على السؤالين التاليين:
– ما هي الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلّي بها من أجل الاضطلاع بهذه المشاريع؟».
وخلص لودريان في رسالته: «في الوضع الحالي الذي تمرّ فيه البلاد، من المهم ان نحدّد معاً نقاط الالتقاء، وان نصوغها بدقّة لخلق بيئة مؤاتية لبلورة حلول توافقية. آمل ان تلتقطوا هذه الفرصة التي اقترح إطلاقها باسم رئيس الجمهورية الفرنسية، وبدعم من شركاء لبنان الأساسيين».
واذا كانت هذه الرسالة من حيث شكلها ومضمونها، تندرج في سياق التمهيد لحوار ايلول الذي من المقّرر ان يطلقه لودريان حول رئاسة الجمهورية، الّا انّ المؤشرات السياسية توحي بأنّ مهمّة لودريان تترنّح، حيث انّ التباسات أحاطت الطريقة التي وُجّهت فيها تلك الرسالة، باعتبارها سابقة من نوعها، ما دفع بعض النواب إلى المجاهرة علناً بعدم جواز مخاطبة المجلس النيابي بهذه الطريقة، التي صوّرت النواب وكأنّهم يخضعون لامتحان. وتبعاً لذلك، أعلن بعض من تلقّوا رسالة لودريان انّهم لن يقدّموا أي اجوبة عنها. وذلك بالتزامن مع اعلان جهات نيابية اخرى في المقلب السيادي عدم جدوى الحوار.
الّا انّ مصادر سياسية مسؤولة، سجّلت على رسالة لودريان ملاحظتين وصفتهما بالجوهريتين:
– الملاحظة الاولى، هي توسيع بيكار المدعوين الى الحوار، على نحو معاكس لما خلصت اليه المحادثات التي اجراها لودريان في زيارته الاخيرة، اي التوافق الاوّلي على تحديد عدد المشاركين في حوار أيلول بـ 15 طرفاً على الاكثر، يمثلون مختلف الكتل والتوجّهات النيابية. وعلى ما تقول المصادر المسؤولة في هذا السياق، انّ توسيع عدد المشاركين، اشبه بوضع الحوار المنتظر في ايلول على سكة الفشل المسبق، كون حواراً بهذا الشكل وبهذا العدد الفضفاض، يصبح أشبه ببازار مفتوح على مماحكات ومزايدات يغني فيه كل طرف موّاله، ما سيجعل حتماً، الوصول الى قواسم مشتركة امراً بالغ الصعوبة، حتى لا نقول مستحيلاً. ما يعني في خلاصة الامر انّ زيادة عدد المشاركين لا تخدم الحوار، حيث انّه كلما ضاقت مساحة المشاركين توسّعت إمكانية الانفراج، وكلما توسّعت مساحة المشاركين ضاقت امكانية الانفراج.