في العام 2019 بدأت الحرب الإقتصادية على لبنان بهدف تطويع حزب الله وجرّه الى تقديم التنازلات التي تتعلق بسلاحه بشكل أساسي، وذلك بعد ضرب البيئة الحاضنة للحزب وإضعافها، لحثها على الضغط من باب الحاجة الاقتصادية. في كل المرحلة السابقة كان خطاب حزب الله مركزاً على رفض التنازل تحت الضغط، وصولاً الى الخطاب الشهير لأمين عام حزب الله عندما هدد من يفكر بتجويع جمهور المقاومة.
في كل تلك المرحلة كان الحزب يتشدد بمواقفه أكثر كلما ازداد حجم الضغوط عليه، ومنذ بداية البحث الجدي في الإستحقاق الرئاسي، أي مع دخول البلاد مرحلة الشغور بعد نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون، طرح حزب الله معادلة حاسمة، تتعلق بالمواصفات التي يريدها في الرئيس المقبل، تقوم على عنوان أساسي هو أنه يجب أن لا يطعن المقاومة في ظهرها، ما عكس أجواء عن أن الحزب، الذي كان قد خسر الأكثرية في الإنتخابات النيابية الماضية، يريد ضمانات لا يمكن أن تتوفر إلا في شخص واحد من الممكن أن يشغل موقع الرئاسة الأولى.
الحديث عن هذه المعادلة اليوم، التي لا يزال يتمسك بها الحزب، تفرضه رهانات البعض على إمكانية أن يبادر الحزب إلى تقديم تنازلات، نتيجة الضغوط التي يتعرض لها أو الخطاب التصعيدي ضده، وهو ما كانت قد عكسته في الأسبوع الماضي، المواقف التي رافقت حادثة الكحالة، الأمر الذي يتناقض بشكل جذري مع تداعيات هذه الحادثة، نظراً إلى أنها أكدت ما يطرحه حزب الله بالنسبة إلى المواصفات التي يريدها في الرئيس المقبل، اذ تدعو مصادر مقربة منه الى تخيل المشهد التالي رئيس قد يطعن المقاومة في بعبدا، يعيّن قائداً للجيش من نفس الجو وتقع حادثة الكحالة، فكيف سيكون الجو في تلك اللحظة؟ والى أين قد تصل الأمور؟ وبالتالي حادثة الكحالة مثال واقعي عن سبب تمسك الحزب بمرشح لا يطعن المقاومة بظهرها.
في هذا الإطار، من الممكن الحديث عن أن بعض المواقف التي ظهرت الأسبوع الماضي، تقود إلى إثارة الريبة في صفوف قيادة الحزب، مما يمكن أن يحصل في المرحلة المقبلة في حال تنازل رئاسياً أكثر مما ينبغي، وبالتالي ما جرى ويجري سيدفعه إلى التشدد أكثر في خيار التمسك بترشيح رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، خصوصاً إذا شهد مسار الحوار مع “التيار الوطني الحر” تقدماً نوعياً، على إعتبار أنه لن يكون في ظل هذه الأجواء، في وارد المغامرة بالموافقة على أي إسم لا يحظى بثقته بشكل كامل.