من جديد، استهدف جيش الاحتلال “الإسرائيلي” مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، عبر جريمة اغتيال طالت ثلاثة من مقاومي “سرايا القدس- كتيبة جنين”، بهدف إحباط البنى التحتية المُسلحة والقضاء على منبع المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، مستخدماً سياسة القتل من مسافة صفر، عوضا عن الاجتياحات، لاسيما بعد أن تكبد خسائر بشرية ومادية فادحة خلال الاجتياح الأخير لمخيم جنين.
على مرّ التاريخ، كانت جنين المدينة الولّادة للمقاومين، إذ أتقنت صنع رجال لا يهنأ لهم العيش من دون مواجهة المحتل بكل شراسة، شكّلوا نواةً للفعل المقاوم في مراحل كثيرة، لذلك عين الاحتلال شاخصة نحو جنين، إذ يرغب في اقتلاع جذور تلك الشجرة المثمرة حتى يتثنى له تجفيف منابع المقاومة في الضفة الغربية، فكلما يوجه ضربة للمقاومة، يخرج مقاتلين وقادة جدد أشد بأساً وعنفواناً يثأرون لرفاقهم بضربات تجعل جيش الاحتلال في ثبات عميق لأسابيع طويلة، فلماذا بات الاحتلال يستخدم سياسية الاغتيال، ويشن هجوماً شرساً على المقاومة لاسيما كتائب سرايا القدس؟
واغتالت قوة خاصة “إسرائيلية” مساء أمس الأحد 3 مقاومين من سرايا القدس- كتيبة جنين بعد استهداف مركبتهم بالرصاص قرب دوار عرابة جنوب جنين شمال الضفة الغربية.
الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي مصطفى الصوّاف يرى أن سياسة الاغتيالات الصهيونية “قديمة جديدة”، لكنها اشتدت في الفترة الأخيرة في محاولة من الاحتلال للقضاء على المقاومين وتجفيف منابع المقاومة من جنين، لكن محاولاته باءت بالفشل، إذ عقب كل استهداف يطال كوادرها تخرج المقاومة أقوى وأشد بأساً وعنفواناً وتوجه له الضربات تلو الأخرى ثاراً للقادة الشهداء.
وأشار الصواف في مقابلة خاصة لـ “وكالة فلسطين اليوم الإخبارية”، إلى أن ارتفاع وتيرة الاستهداف الصهيوني للمقاومة، لن يضعفها، بل سيجعلها أكثر قوة وبأساً، وعملية “تل أبيب” الأخيرة التي نفذها الشهيد المجاهد محمود بكر تؤكد ذلك.
ويعتقد الصواف، أن الاحتلال لجأ إلى سياسة الاغتيالات مؤخراً بصفتها أقل تكلفة على قواته من الاجتياحات التي تكبده خسائر بشرية ومادية فادحة مثلما حدث عند الاجتياح الأخير لمخيم جنين، قائلا: “الاحتلال يعتقد أن سياسية الاغتيال أقل تكلفة على قواته، إذ إنها تتم بعد جمع المعلومات والمراقبة والتجسس من خلال أطراف على الأرض أو عبر وسائل الاتصال الحديثة والتي لا يزال عدد من المقاومين يستخدمها مع الأسف”.
ولفت إلى أن اجتماعي “العقبة وشرم الشيخ” الأمنيين كان هدفهما الأبرز القضاء على المقاومة في جنين والضفة، إذ إن السلطة الفلسطينية شنّت بعد اللقاءين حملات ملاحقة واعتقالات شرسة طالت عشرات المقاومين، ما يدل أن أجهزة أمن السلطة اتفقت مع الاحتلال رغم جرائمه على السعي للقضاء على المقاومة.
وحذّر المقاومين من استخدام وسائل الاتصال الحديثة، والتي تعد وسيلة جيدة للاحتلال للوصول إلى أماكنهم وتحركاتهم ولذلك هم بحاجة إلى الإقلاع عن استخدامها بالمطلق سواء خلال تنقلاتهم أو تواجدهم في أماكنهم، متابعاً: “المقاومون بحاجة إلى تفعيل العنصر الأمني لأنه يكون أحياناً كثيرة مفقوداً، ويكون سبباً في كشف تحركاتهم ووضع الخطط لاغتيالهم”.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي المختص في شؤون الصراع د. هاني العقاد أنّ كل محاولات الاحتلال الصهيوني لتفكيك خلايا المقاومة في جنين والضفة سواء بالاقتحام أو الاغتيال أو توظيف أجهزة السلطة لقمعهم واعتقالهم والحد من تنامي الظاهرة المسلحة ستبوء بالفشل.
وأشار العقاد في مقابلة خاصة لـ “وكالة فلسطين اليوم الإخبارية”، إلى أن لجوء سياسة الاغتيال من خلال العديد من السيناريوهات، المتابعة والرصد والتجسس والحصول على المعلومات ليستطيع قنص المقاومة، كما حدث أمس في بلدة عرّابة، يثبت أن الاحتلال غيّر من قواعد الاشتباك بعدما كبدته المقاومة خسائر فادحة.
واستبعد د. العقاد أن يتمكن جيش الاحتلال من تجفيف منابع المقاومة لا سيما في جنين، بصفتها أنها ولّادة للرجال الأشداء منذ الأزل، لذلك فإن المقاومة رغم استهدافها إلا أنها تتنامى وتنتشر في تصاعد مستمر، لأن الفلسطينيين أصحاب حق يقاتلون ضد من ليس له حق في الأرض الفلسطينية.
**