عند كل استحقاق داخلي تصرّ معظم القوى اللبنانية على إثبات «قصورها»، والتأكيد انّه قاعدة وليس استثناءً في مسار تعاطيها مع القضايا الوطنية.
وصل «التطبيع» مع هذا الواقع المرير إلى حدود أنّ الاعتماد الزائد على الخارج في معالجة أزماتنا صار أمراً بديهياً وعلنياً، لا خجل منه ولا وجل!
ولكن مهمّة لودريان لن تكون، على الأرجح، كافية وحدها لاستيلاد رئيس الجمهورية، وسط التعقيدات الجمّة التي تحيط بها، علماً انّ الرئيس إيمانويل ماكرون لم يستطع بقدّه وقديده، عندما زار بيروت لمرتين متلاحقتين بعد انفجار المرفأ، أن ينفّذ المبادرة التي كان قد أطلقها آنذاك.
ويلفت السفير، كما ينقل عنه زواره، إلى انّ هناك الكثير من البنود التي تسبق الملف اللبناني على طاولة التفاوض الدولي، «وليس هناك من اهتمام جدّي بكم بمعزل عن بعض المظاهر الشكلية»، معتبراً انّ لبنان فوّت حتى الآن الفرص التي لاحت أمامه للصعود إلى قطارات التسوية الإقليمية.
ويضيف السفير: «عليكم أن تعرفوا حقيقة حجمكم في المعادلات الدولية. بين اليمن والسودان واوكرانيا والنزاع الصيني – الأميركي، لا مكان متقدّماً لكم في حسابات الدول واهتماماتها، وبالتالي لن يصل الدور اليكم الّا بعد أن تتحلحل الامور الأخرى العالقة».
ويشير إلى أنّ «من المفارقات اقتناعكم بأنكم على قدر من الأهمية في الساحة الإقليمية والمجتمع الدولي، في حين انّ الداتا العالمية تجاوزتكم ولم تعودوا تشكّلون جزءاً حيوياً منها».
ويتابع السفير أمام زواره: «دعوني اكون صريحاً معكم، انا أشعر بأنّ بعض القادة اللبنانيين يصرّون في تصرفاتهم على المكابرة ويتجاهلون الحقائق عمداً وكأنّهم أعداء أنفسهم. هؤلاء معتادون على المواربة والنفاق ولا يحبون من يصارحهم ويكاشفهم بالحقيقة، ولكن نحن ننظر إلى الورق فقط بعيداً من العواطف التي لا مكان لها في المصالح والسياسات الدولية».
ويتابع من دون قفازات: «نحن لا نساير في آرائنا، ولذلك هناك من يعتبر اننا فظّون وجافون. انما ولعلمكم، حتى في الإقليم أصبحوا كذلك حيالكم، واصبحوا يتعاملون مع الوقائع والأرقام فقط، وباتوا يربطون اي مساعدات بالإصلاحات».
ويشدّد السفير إيّاه على أنّ المطلوب من اللبنانيين ان ينزلوا عن الشجرة المرتفعة التي تسلّقوها، وان يتواضعوا في سلوكهم، حتى يجدوا حلولاً لأزماتهم، «وإلّا سيكون عليهم الاستمرار في انتظار الخارج حتى إشعار آخر».
المصدر:”الجمهورية – عماد مرمل”
**