لا شك في أنّ «قطوع» القائمة الرمادية قد مرّ بأقل خسائر ممكنة. لكن من الضروري انتظار صدور التقرير النهائي هذا الشهر، والذي سيتضمّن حتماً التفاصيل المتعلقة بالاجراءات التي ينبغي اتخاذها في فترة السماح التي أُعطيت للبنان بُغية معالجتها.
أولاً – انّ الاقتصاد النقدي (cash economy)، والذي يشكل تحدياً كبيراً في القدرة على مكافحة تبييض الاموال، ينبغي التخفيف من حجمه في المرحلة الاولى، ما دام الخروج منه سيكون متعذّراً قبل الحل النهائي للأزمة، وعودة القطاع المصرفي الى ممارسة دوره الطبيعي. والسؤال هنا، هل انّ التعميم 165 يمكن ان يُساعد في هذا الاتجاه؟ يحتاج الحكم على نتائج التعميم الى مزيد من الوقت، على اعتبار انه سيخلق نظاماً مالياً شرعياً يمر في القطاع المصرفي، الى جانب نظام نقدي مُجمّد سيبقى قائماً.
ثانياً – انّ القطاع المصرفي اللبناني، ومن خلال بنيته الاحترافية، لا يزال قادراً على تقديم اداء جيد في بعض المجالات، ومنها في موضوع الامتثال (compliance)، إذ تبيّن للجنة المنبثقة عن FATF، والتي عايَنت الوضع المصرفي لمدة طويلة قبل ان ترفع تقريرها، انّ القطاع يمارس سياسة الامتثال بشكل احترافي وفق المعايير العالمية، رغم الظروف الصعبة التي يعمل فيها، وفي مقدمها اقتصاد الكاش. وأكدت اللجنة، التي زارت بيروت مرات عدة وراقبت العمل المصرفي، انّ المصارف في لبنان، ورغم ازمة الانهيار المالي، لا تزال تمارس عملها في الامتثال بشكلٍ افضل من كثير من الدول العربية، والتي ليس لديها أزمات انهيار.
خامساً – تبيّن وجود لوبي أجنبي حاولَ في اجتماعات البحرين ان يدفع في اتجاه وضع لبنان على القائمة الرمادية، رغم ان اللجنة التي تابعت الوضع اللبناني كانت مُقتنعة بأن لبنان لا يستحق الإدراج على هذه القائمة، وانه من الضروري مَنحه فرصة اضافية لمعالجة الثغرات.
وفي هذا السياق، لوحِظ وجود أصابع تريد دَفع البلد الى الهاوية، من خلال تسريب خبر وضع لبنان على القائمة الرمادية قبل ايام من صدور القرار عبر وكالة «رويترز» العالمية. ومن المعروف انّ وكالة تتمتّع بسُمعة «رويترز» لا تتورّط في نشر معلومات غير مؤكدة، خصوصاً انه تبين لاحقاً انّ لبنان لم يوضع على القائمة الرمادية كما تَكهّنت الوكالة في الخبر الذي نشرته. وتفسير ما جرى، انّ اللوبي المُنَوَّه عنه، يقف وراء تسريب هذا الخبر، والذي جرى استخدامه من قبل بعض الاعلام المحلي، وعن جهل، وكأنه أصبح حقيقة. هذا الوضع شكّل ضغطاً معنوياً على مناقشات البحرين، وكاد التسريب المُتعمَّد أن ينجح في إسقاط لبنان الى القائمة الرمادية.
المصدر:”الجمهورية – انطوان فرح”
**