إذا كانت لعبة العبث بمصير لبنان قد عبّرت عن نفسها في 11 جلسة انتخاب فاشلة عقدها المجلس النيابي، ولمرشح معارضة اسمه ميشال معوّض، أجمَعت كل الاطراف السياسية، بما فيها اطراف المعارضة التي تبنّته، على انه لم يكن جدياً، فإن هذه اللعبة تتكرّر في هذه الفترة انما بوجه آخر، حيث تتلهى بمرشح آخر اسمه جهاد ازعور، من دون ان تملك اي مقومات قوة دافعة نحو جَعله مرشحاً جدياً.
واذا كانت طريق ازعور مقطوعة نهائيا من جانب ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله»، وذلك لاعتبار انهما، ووفق ما تؤكده مصادر الثنائي لـ«الجمهورية»، ملتزمان حتى النهاية بدعم الوزير فرنجية خلافاً لكل الجو الذي يروّج له من قبل منصات مدفوع لها للتشويش وقلب الوقائع، اضافة الى اعتبارات اخرى تعود الى الماضي وموقعه السياسي قبل سنوات كأحد اكثر المقربين من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الا ان الاثارة الصاخبة لاسمه في بعض اوساط المعارضة، لا تعني، وفق ما تؤكده مصادر مواكبة لهذا الامر لـ«الجمهورية»، انّ طريقه سهل ومفتوح، فنواب الاعتدال ليسوا في هذا الوارد، وهناك نواب تغييريون اعلنوا انهم ليسوا مع هذا الخيار، فضلاً عن ان مَن روّج لاسم ازعور لم يعلن تبنّيه له علناً وبشكل رسمي، وهذا ينطبق على «القوات اللبنانية، والكتائب، وبعض حلفائهما ممن يعتبرون انفسهم سياديين واستقلاليين وتغييريين».
واذا كانت بعض الاوساط تتحدّث عن ان ازعور يشكل نقطة تقاطع بين القوات وحلفائها وبين التيار الوطني الحر، في مواجهة ترشيح الوزير فرنجية، الا ان النوايا شيء والواقع القائم شيء آخر، فما يحكى عن موافقة قواتية على دعم أزعور الذي التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، يدخل مدار الجدية والحسم في حالة وحيدة، اي عندما تعلن القوات ذلك، وتعبّر عن دعم علني لأزعور. وواضح ان القوات ترمي الكرة في اتجاه التيار الوطني الحر في انتظار ما سيقرره تجاه ازعور.
امّا من جانب التيار، فعلى الرغم مما يروّج عن اقترابه من اعلان دعمه لأزعور، الا ان مصادر مطلعة تحدثت لـ«الجمهورية» عن انّ ما يروج في العلن يُجافي ما يسود داخل التيار تجاه هذا الامر، مِن تَباين واعتراض عليه من نسبة تقارب نصف عدد نواب تكتل «لبنان القوي»، فضلاً عن انّ المعترضين ينطلقون من انه اذا كان لا بد من دعم مرشّح، فليكن هذا المرشح من داخل التكتل، الذي يضم اعضاء يملكون الاهلية الكاملة للترشح وحمل البرنامح الاصلاحي والانقاذي الذي ينادي به التيار، وليس مرشحاً من داخل ما تسمّى «المنظومة».
ومن هنا تستبعد المصادر ان يصل التيار الى تبنّي ترشح ازعور، الا اذا دفعت روح المغامرة بالبعض الى الدفع في هذا الاتجاه، فهذا معناه دخول التيار في واقع يتهدد تماسكه لا يحسد عليه».
على ان اللافت للانتباه في معمعة البحث عن مرشح تلتفّ حوله المعارضات، ما دأبَت عليه بعض اوساط المعارضة من ترويج لاقتراب بلوغ المعارضات نقطة التفاهم على دعم الوزير ازعور كمرشح يواجه فرنجية، برغم ما ينقل عن ازعور انه لا يقبل بأن يكون مرشح تَحد في وجه رئيس تيار المردة، وهو بالتالي بات يستحوذ على ما يزيد عن 65 صوتاً من النواب.
الا ان مصادر مواكبة لحركة الاتصالات استغربت لـ«الجمهورية» ما سمّته «اللاواقعية والتضخيم الوهمي لشيء غير موجود، فالوزير ازعور لم يصل بعد الى ان يشكّل نقطة التقاء بين المعارضة او المعارضات عليه، كَون هذه المعارضات ما زالت عالقة عند تبايناتها ومسلماتها التي رافقتها خلال جلسات الفشل السابقة، ومنعتها من التوحّد والالتفاف حول مرشح معين…».
ولفتت المصادر الى انه «صحيح ان اسم ازعور متداول على خط الترشيح، ولكن لا اجماع بين المعارضات عليه، فضلاً عن ان موقف التيار ليس محسوما بعد، اضافة الى ان كتلاً اخرى حسمت تموضعها في الخط الاعتراضي على هذا الترشيح، كنواب الاعتدال وبعض نواب التغيير، وكذلك اللقاء الديموقراطي. وتبعاً لذلك، فإنه في تقريش الاصوات المعارضة التي يروَّج انها تدعم ترشيحه، فهذه الاصوات وفي احسن الاحوال لا تزيد عن نسبة الاصوات التي سبق ونالها ميشال معوض، واذا ما بقي الحال على ما ّهو عليه من صعوبة للاجماع عليه فإنّ مصير ترشيحه لن يكون مختلفا عن مصير ترشيح ميشال معوّض.
**