نقلت صحيفة “الاخبار” عن مصادر مطلعة على اللقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على هامش القمة العربية في جدة في 19 أيار الجاري، تأكيدها أن الملف اللبناني “نوقش بعمق وفي التفاصيل”، ولم يكن “ذا أولوية” فحسب، كما نشرت صحيفة “الرياض” السعودية، الخميس الماضي، قبل أن تحذف المقال عن موقعها الإلكتروني، وهو ما “طبّل” له أفرقاء 14 آذار باعتباره نفياً سعودياً.
وبحسب المصادر، “أمر طبيعي” أن يكون الملف اللبناني على أجندة اللقاء. إذ إن زيارة الأسد جاءت تتويجاً لمسار بدأ منذ أشهر طويلة، يسبق بكثير اتفاق المصالحة السعودية – الإيرانية في بكين في 10 آذار الماضي. بهذا المعنى، ليس صحيحاً أن اللقاء تركّز على تعزيز العلاقات الثنائية، فهذه مسألة سبق أن وُضعت اللمسات الأخيرة عليها أثناء زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لدمشق في نيسان الماضي، وكان النقاش فيها بدأ منذ نهاية عام 2021 بين رئيس إدارة المخابرات العامة السورية اللواء حسام لوقا ورئيس المخابرات السعودية الفريق خالد الحميدان في لقاءات جمعتهما في القاهرة والرياض. لا بل إن النقاش السعودي – السوري طوى ملفات أخرى، من بينها الاستثمارات السعودية في إعادة الإعمار، والتعاون الأمني بين البلدين لمكافحة تهريب الكبتاغون الذي تصنّعه مئات المعامل في مناطق واقعة خارج سيطرة الجيش السوري، وأخرى خاضعة لسيطرته، من دون أن يعني ذلك أنها تعمل بعلمه. لكن الحصار الشديد الذي تتعرّض له سوريا، ومساهمة هذه التجارة غير الشرعية في إدخال العملة الصعبة، وعدم سيطرة دمشق على كل المناطق، تسهم في تراخي القبضة الأمنية على المهربين الذين يعتمدون طريق الأردن للوصول إلى السعودية. وقد أبدت سوريا إيجابية في التعاون في هذا المجال، كما بدا من الغارات التي شنّتها طائرات أردنية، في 8 الجاري، على مواقع لتصنيع المخدرات وتخزينها في ريف درعا الغربي وريف السويداء الشرقي، والتي تؤكد المصادر أنها نُفِّذت بناء على إحداثيات الجيش السوري.
المصادر تلفت أيضاً إلى أن الأسد لم يشارك في القمة ليكون “نجمها” ويخطف أضواءها. فمجرد عودة سوريا إلى الجامعة في قمة ترأسها السعودية كافٍ وحده لخطف الأضواء. الأصحّ، بحسب المصادر نفسها، أن هذه المشاركة كانت ورقة “ثمينة” سلّفها الرئيس السوري لولي العهد السعودي، معترفاً له بـ.”زعامة” عربية، في وقت يواجه الأخير منازعة على الزعامة الخليجية من الإمارات وقطر بدعم تركي، وهذا ما يفسّر الاستقبال الحارّ الذي لقيه الأسد. ورقة ثمينة كهذه لها في السياسة ما يماثلها من اعتراف بدور سوريا المحوري في عدد من ملفات المنطقة. لذلك، كان اللقاء مناسبة لاستكمال البحث في الملفات الإقليمية التي تهم البلدين، ومن بينها الملف اللبناني والاستحقاق الرئاسي الذي تم تناوله “بعمق” والتطرق إلى “أدقّ التفاصيل فيه”، وهو ما انعكس في تراجع الرياض عن الفيتو الذي وضعته سابقاً على وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى الرئاسة، قبل أن ترفع الفيتو وتنتقل إلى الحياد السلبي، وتقترب خطوات من المبادرة الفرنسية، في انتظار خطوة أكثر تقدماً.
وحول عودة الـ”سين – سين”، تؤكد المصادر انه ليس بالضرورة كما عرفناها سابقا إلى أن السعودية التي تعيد ترتيب أولوياتها في المنطقة وتبدو أكثر واقعية في قراءتها للتحولات العالمية، قد تكون مستعدة لقبول دور سوري أكبر في المنطقة، ولمبادلة تحية الأسد بمثلها. في النهاية، سليمان فرنجية يقف على تقاطع بين أفرقاء محور المقاومة: مرشح حزب الله الذي تثق طهران بخياراته اللبنانية، وصديق شخصي للأسد. وهذا، ربما، ما يفسّر الـ”مبروك” المبكرة التي أشار إليها السيد نصرالله في خطاب 12 أيار. أما “أصدقاء” السعودية وحلفاؤها في لبنان، فلن تعدم الرياض وسيلة لـ”إقناعهم” بضرورات المرحلة. وفي هذا الإطار، فإن العين على ما يحمله السفير السعودي وليد البخاري من معطيات جديدة، بعد عودته إلى بيروت قبل يومين، في موازاة معلومات تحدثت عن “تقدم في الموقف السعودي من مرحلة اللافيتو على فرنجية الى موقف داعم قد ينعكس في كلمة سر لنواب لم يحسموا أمرهم بعد، في انتظار أن يسمعوها بوضوح، وتحديداً النواب السنة”.
**