17 عاما على تأسيس حزب التوحيد العربي في 26 ايار عام 2006 ، وقد شكل هذا الحدث التاريخي محطة مفصلية اساسية في تاريخ الجبل والسياسة اللبنانية ، وحمل معه ما يفعله عصف الرياح الخريفية بأوراق الأشجار الذابلة، تمهيداً للتجدد في الربيع الآتي، وانبثاقه من صميم واقع مجتمعنا وظروف ومعاناة الناس ورفضاً للحالة القائمة في طابع ثوري عابر للطوائف والمناطق، لإسقاط النظام الطائفي ومنظومته الفاسدة وبهدف الخروج من حالة الانهيار، بتحقيق التغيير، لبناء وطن ودولة، يجسّد مطامح التوحيديين وحقوقهم الوطنية والاجتماعية والديمقراطية. فهذه الثورة التوحيدية العربية ،
والتوحيديون في قلبها، شكلت نقطة تحوّل ومنعطفاً كبير الأهمية في المسيرة الثورية، التي يخوضها شبابنا وشاباتنا وطلابنا . وانّ حزب التوحيد العربي الذي كان نشؤه استجابة لضرورات موضوعية تتعلق بالنضال من أجل رفع الحرمان والظلم الاستقلال الوطني وللدفاع عن حقوق ناسنا وتحررهم من الظلم الاجتماعي ومن مظاهر الاقصاء والتهميش ، إنه بدوره الثوري هو الوريث الحقيقي لتقاليد شعبنا المجيدة، من عاميتي انطلياس، 1820-1840، الى عامية لحفد 1821، والثورة الفلاحية بقيادة طانيوس شاهين1859، وإلى الفكر التحرري لرواد النهضة الأوائل، والمطامح الوطنية لشهداء 6 أيار 1916 ضدّ السلطنة العثمانية. كما كان لهذا الحزب الدور الريادي في عدوان تموز 2006. وهو يواصل اليوم نهجه النضالي الذي يترابط ويتلازم فيه وجهي العملية النضالية الوطني والاجتماعي، ويواصل عمله الهادف الى تطوير دور التغيير وتحولها الى ثورة على قاعدة برنامج ومهام في سبيل الحفاظ على الكرامة الانسانية.
ان الذكرى 17 لتأسيس حزب التوحيد العربي العريقة، لها اكثر من معنى ودلالة في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا لأننا انطلقنا منها بقيادة رجل كبير من هذا الشرق اطلق دعوته وحملها مبشرا الى كل المناطق اللبنانية دون استثناء فهدفه كان الإنسان ولبنان العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص والدولة التي تحترم الإنسان. وكانت بلدات وقرى الشوف والاقليم وعاليه والمتن وحاصبيا وراشيا الموقع الأرحب والساحة الأوسع لإستيعاب حركة التغيير والتحركات الثورية بزعامة المؤسس وئام وهاب .
ان الدرس الاول الذي نقف عنده هو الدولة. من هنا كان تركيزنا ولا يزال ان المشروع الاساسي لدى التوحيد العربي هو مشروع الدولة، أي المؤسسات التي تكون في خدمة الناس تضمن حقوقهم لا تجعلهم رهائن لا تمارس فيها الاستنسابية الفئوية والمذهبية والطائفية، بل تكون في خدمة كل الناس لانها مؤسسات الناس في الاساس ليست ملكا لاحد لا لشخص او زعيم او فريق او تيار سياسي او حزب ما.
نختلف، نتفق، نتنافس في السياسة والافكار والبرامج من اجل لبنان، كل على طريقته، من اجل الجبل وتنميته. فلبنان لن يكون الا بلد الحرية والتنوع
ويقف الحزب بثبات مؤكداً نهجه وموقفه الوطني ضد العدو الصهيوني ومطامعه بأرضنا ومياهنا وثروتنا البحرية الغازية. ومع قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني ومنها حق العودة، ومع نضال الشعوب العربية وقواها التحررية في مقاومة كل اشكال التبعية والتخاذل والظلم الاجتماعي. ومع المقاومة وكل الاحرار الذين اسقطوا مقولة اسرائيل التي لا تقهر، ويحررون الارض ويحفظون كرامة لبنان.
إنّ حزب التوحيد العربي هو مرحلة نوعية جديدة، فبدوره الثوري ضدّ نظام الفساد والتبعية والتحاصص، وانقساماته التي تنفُذ منها أصابع العدو الخارجي، وإنما يحمل بعداً مقاوماً للتدخلات والضغوط الخارجية، التي من أغراضها فرض تنازلات على لبنان في الموقف من العدو الإسرائيلي، بشأن ترسيم الحدود، وحيال مخططه للسيطرة على المنطقة وصفقة القرن، في ظل تطبيع بعض السلطات العربية، مع الكيان الصهيوني.
انّ المنظومة الحاكمة لا تُعير أهمية للوقت، ولا تكترث بما حلّ بلبنان والشعب من كوارث. وليست قادرة على إدارة شؤون البلاد، ووجودها لن يكون أكثر من جرعة أوكسجين للنظام وأهله. ويبقى الحل المعقول بانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة من خارج المنظومة السلطوية، وبصلاحيات استثنائية، لإخراج اللبنانيين من مستنقع الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي المخيف والكوارث، واستعادة الاموال المنهوبة والمهرّبة، وبناء وطن ودولة مدنية.
واخيرا ، تحية اكبار واجلال الى كل المؤسسين والى روح الشهداء الذين ارتقوا في معموديات الثورة التوحيدية العربية والى المناصرين والمناضلين في ساحات الكرامة. واذ نفتخر بما انجز في مسيرة التغيير التي قادها بحكمة وشجاعة الرئيس وئام وهاب نعاهد المضي قدما في معركة بناء الدولة التي يطمحون اليها ولاخراج البلد من المحاصصة الطائفية البغيضة واوحال الفساد ولكي يبقى لبنان وطن التنوع والحريات والعدالة والتعددية وكرامة الانسان.
**