تبدو حركة السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري لافتة منذ عودته من الرياض، سواء لناحية زخمها السياسي أو تعدّد اتجاهاتها.
أتى استقبال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في مقر السفارة السعودية، على مأدبة فطور وحوار بناء على دعوة البخاري، ليعزّز الأخذ والرد في الداخل حول حقيقة نيّات الرياض، وما اذا كانت المملكة قد أصبحت إيجابية حيال خيار انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية ام لا تزال ضمناً غير محبّذة له.
هذا التباين في مقاربة الموقف السعودي، انسحب تلقائياً على قراءة دلالات اللقاء الذي عُقد بين فرنجية والبخاري، إذ وضَعه خصوم الأول في خانة الاخراج اللائق لقرار المملكة برَفض تغطية انتخابه، فيما اعتبر داعموه انّ هذا الاجتماع وما رافَقه من حفاوة هو مؤشر حاسم الى انّ الرياض لم تعد تعترض على وصوله الى قصر بعبدا، لافتين الى انه لو كان موقفها سلبياً كما يروّج البعض لما احتاج السفير الى لقاء مباشر مع فرنجية لإبلاغه به، بل كان بإمكانه إيصال الرسالة بوسائل أخرى أقل إحراجاً، من دون أن يضطر الى نقلها له وجهاً لوجه.
وعُلم انّ البخاري أبدى أمام بعض مَن تواصَل معهم لاحقاً ارتياحه الى الاجتماع بفرنجية، موضحاً انه كان مسروراً بصدقه وصراحته.
وإزاء الحيرة في تفسير الإشارات السعودية، ذهب نواب التقوا البخاري الى محاولة استنتاج الحقيقة عبر التمعّن في الـ body language خلال نقاشهم معه، فيما فضّل آخرون ان يكونوا اكثر صراحة وان يطلبوا منه الرد الواضح، ومن غير قفازات دبلوماسية، على السؤال الآتي: هل تؤيدون انتخاب حليف «حزب الله» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية؟
تفيد المعلومات انّ البخاري أجاب بأن لا فيتو على احد، خصوصاً سليمان فرنجية، مضيفاً: خطاب فرنجية جيد، لدينا ملاحظات بسيطة يمكن أن نعالجها بالتواصل المباشر. ونحن سنحكم على سلوك الرئيس المقبل ليُبنى على الشيء مقتضاه.
ويشدد البخاري على وجوب إنهاء الشغور الرئاسي في أقرب وقت ممكن، مشيراً الى ان انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ويؤكد البخاري، كما يُنقل عنه، انه يكاد لا ينام، ويَصِل الليل بالنهار، ويتواصل مع جميع الأطراف بُغية الدفع نحو التعجيل في إجراء الانتخابات الرئاسية.
وطُرحت على البخاري أثناء النقاشات معه الفرضية الآتية: لو اتفقت القوى المسيحية الاساسية على ترشيح شخصية وازنة في مواجهة فرنجية، ماذا يكون رأيكم؟ فأجاب: عندها ينبغي أن ينزل النواب الى المجلس النيابي وتحصل منافسة ديموقراطية.
امّا القطريون، فإنّ حراكهم المتكرر في لبنان يجري على الإيقاع السعودي، وبالتنسيق التام مع الرياض، وفق ما أكدت اوساط دبلوماسية قطرية لعدد من الشخصيات اللبنانية.
وعلى رغم محاولات حصلت لاستدراج القطريين (السفير والموفدون) الى البَوح بالاسم المفضّل للرئاسة او بالحرف الأول منه، الّا انهم تَفادوا إعطاء أي تلميحات في هذا الإطار وبالتالي لم يسمّوا لا سليمان فرنجية ولا جوزف عون، مؤكدين انّ الدوحة تقف على مسافة واحدة من الجميع وتحترم سيادة لبنان، بعيداً من الخوض في تفاصيل الشأن الداخلي.
وحرصَ القطريون على لفت انتباه بعض مَن التقوا بهم في بيروت أخيراً الى انّ اللقاء الخماسي (أميركا وفرنسا والسعودية وقطر ومصر) يسعى الى بلورة تصوّر مشترك حيال المعالجة المطلوبة للأزمة الرئاسية، وانّ الدوحة ستكون جزءاً من هذه المقاربة.
المصدر:”الجمهورية – عماد مرمل”
**