كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: الإقتناع المكتسب من مسار الاتفاق السعودي ـ الايراني بأنّ لبنان “آخراً” لم يَحجب تفعيل “الانتانات” السياسية لالتقاط إشارات من قنوات ذات شأن وفاعلة في أذرعه، اذ تبين خلال الـ 48 ساعة الماضية، وخصوصاً بعد الاتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وما رافقه من اخبار ومعلومات معظمها غير دقيق، انّ رياحاً ساخنة لفحت الملف الرئاسي. فالسفير السعودي وليد البخاري غادر صباح امس الى الرياض فيما رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وصل الى باريس مساء وستكون له اليوم لقاءات في قصر الاليزيه.
في معلومات لـ”الجمهورية” من مصادر مطلعة بقوة على الملف انّ النقاش لم يعد محصورا في ما اذا كان هناك “فيتو” سعودي على اسم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من عدمه، إنما في توقيت التسوية وشروطها، والتي ستكون محصورة بطرفي الاتفاق السعودي ـ الايراني وحلفائهما، وليس بأي جهة او جهات اخرى تعمل على خطوط تقارب مصالحها الشخصية.
واكدت هذه المصادر انّ زيارة فرنجية لفرنسا قد لا تحقّق اي خرق وفيها مصلحة لباريس اكثر منها الى فرنجية نفسه المُرتاح جداً الى الموقف الفرنسي، غير انه مقتنع تماما بأنّ الرضى السعودي هو ممر إلزامي لقبوله بالمهمة الرئاسية، وقد وصلته الاجواء التي تؤكد انّ المملكة العربية السعودية لا تضع “فيتو” عليه ولم تشطب اسمه إنما تصرّ على تقوية ورقة المواصفات حتى يعزف اصحابها أنفسهم او يعملوا على التأهّل لها. ورأت “ان الحل لا يزال بعيداً، وقد ينبت العشب قبله لكنّ حظوظ فرنجية عادت الى واجهة الرصد، وانّ الوقت، كما التطورات، كفيلان بتغيير مسار الاحداث”… واضافت المصادر “ان الفرنسي يغنّي على ليلاه ويطرح افكاراً لكن الكلمة ستكون للاتفاق السعودي ـ الايراني”.
فرنجية في باريس
وكان فرنجية قد وصل الى باريس مساء، في وقت عاد منها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وسيزور فرنجية قصر الاليزيه اليوم للقاء مستشار الرئيس الفرنسي ومسؤول خلية الأزمة الخاصة بلبنان باتريك دوريل. وقالت مصادر سياسية ان العاصمة الفرنسية ستشهد لقاءات أخرى تَلي زيارتي فرنجية وجنبلاط المعلن عنهما بعد ان زارها مسؤولون آخرون من مختلف الأطراف.
وكان فرنجية قد التقى امس في بنشعي سفير روسيا في لبنان ألكسندر روداكوف، يرافقه الوزير المفوّض في السفارة مكسيم رومانوف، والسّكرتير الأول إيفان ميدفيدسكي، وحضر اللقاء النّائب طوني فرنجية وأنطوان مرعب، وكان بحث شامل في مجمل القضايا الرّاهنة والتطوّرات على السّاحتَين المحليّة والإقليميّة.
الموقف الأميركي
في غضون ذلك دعت وزارة الخارجية الأميركية اللبنانيين الى الإسراع بانتخاب رئيس جديد للبلاد. وأكّدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربارا ليف لشؤون الشرق الأدنى، أنّ “لبنان ليس لديه مخرج آخر من أزمته، سوى التوصّل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي”، لافتة إلى أنّ “قادة لبنان يفتقرون إلى الإحساس بضرورة الإسراع بإخراج البلاد من أزمتها”. وقال: “شدّدتُ في بيروت على الحاجة لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية لإعادة لبنان إلى طريق الانتعاش”، موضحة أنّ “مساعدة اللبنانيين في أوقات الأزمات أولوية بالنسبة إلينا”، مشددة على “أنني آمل أن ينعكس التقارب السعودي ـ الإيراني إيجاباً على لبنان، وأيّ خفض للتوترات بين لاعبين إقليمين كبيرين، وأي شيء يؤمّن هدنة للتصعيد المستمر منذ سنوات هو شيء عظيم”.
وكانت ليف قد زارت لبنان الاسبوع الماضي، والتقت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وعدداً من المسؤولين الآخرين والنواب.
موفد قطري
وفي سياق الحراك العربي والدولي في اتجاه لبنان أكدت مصادر ديبلوماسية وحكومية أمس انّ وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي سيزور لبنان الاثنين المقبل للقاء بري وميقاتي وبوحبيب، ووقد أعدّت له مجموعة لقاءات مع آخرين.
وقالت هذه المصادر انّ الزيارة أُرجئت أسبوعاً بسبب الترتيبات الحكومية في قطر التي انتهت الى قرار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتعيين الخليفي في منصبه الجديد، بعدما كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية.
موقف فرنسي
وفي هذه الاثناء قالت السفيرة الفرنسية ان غريو، خلال إطلاق المرحلة الثانية من مشروع “شبكة” SHABAKE في الجامعة اليسوعية، انّ “على اللبنانيين التفكير معاً للمضي قدماً والخروج من هذه الأزمة، فمن المهم أن تفكروا في استدامة عملكم، فالنهوض بأي بلد يتطلب مشاركة المجتمع المدني والدولة”.
وشددت على أنه “يجب أن يتحمل المسؤولون اللبنانيون مسؤولياتهم، فالحلول معروفة، وهناك خطوات وإصلاحات عدة يجب اتخاذها. إنّ الأزمة الاقتصادية والمالية ليس من الصعب حلها، لكن تلزمها الإرادة السياسية. والمطلوب سير عمل المؤسسات، فما يعيشه اللبناني أمر غير طبيعي. هناك شلل في المؤسسات وفراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال، وتَنصّل من المسؤولية”.