سعت البطريركية المارونية إلى ملء «الفراغ المحلي» بمبادرة ترمي إلى حياكة خيوط توافق مسيحي حول إسم لرئاسة الجمهورية، يكون مقبولاً من القيادات الأساسية.. فأين أصبحت هذه المبادرة؟
تعرف بكركي انّ تجاربها مع الاستحقاقات الرئاسية السابقة لم تكن مشجعة، وهي التي لُدغت من الجحر نفسه اكثر من مرة، عندما كان البعض يستدرجها إلى اقتراح اسماء، لا يؤخذ بها في لحظة الحقيقة، الأمر الذي أساء إلى مكانتها وموقعها.
ولكن بكركي التي تتهيّب التمادي في الشغور الرئاسي، قرّرت مجدداً «تبرئة ذمّتها»، عبر مسعى توفيقي خاضه راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان بو نجم، الذي جال على عدد من الشخصيات المسيحية في زيارات مكوكية، بتكليف من البطريرك الماروني بشارة الراعي، أملاً في تقريب وجهات النظر المتباعدة حيال الإسم المؤهّل لتولّي رئاسة الجمهورية.
وليس خافياً، انّ هذا المسعى يواجه تعقيدات وتراكمات، من شأنها ان تعيق نجاحه، خصوصاً انّ التوفيق بين الكتلتين المسيحيتين الأكبر، «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، ليس متيسراً في ظل أزمة الثقة والخيارات التي تفرّقهما.
وتؤكّد اوساط بكركي، انّ المطران لم يحمل معه خلال جولته على القيادات المسيحية لائحة مقترحة من قِبل البطريرك الماروني تحديداً، بل تكوّنت لديه في ضوء زياراته لائحة مكوّنة من أسماء عرضتها الشخصيات التي التقاها.
وقد تفادى المطران ان ينقل إلى كل طرف ما اقترحه الطرف الآخر، سعياً إلى منع الفيتوات المتبادلة والتلقائية، بحيث كان يطلب من كل جهة يزورها ان تقترح الأسماء التي تفترض انّها مناسبة، من غير إطلاعها على ما عرضه الآخرون، ليرسو الأمر في نهاية المطاف على نحو 15 اسماً.
وستلجأ بكركي في المرحلة التالية إلى غربلة الأسماء التي أصبحت في حوزة المطران، سعياً إلى إيجاد قاسم مشترك بين القوى المسيحية التي شملتها الجولة الكنسية، علماً انّ اوساط الصرح البطريركي تؤكّد انّ المهمّة ليست سهلة، وانّ تأمين التوافق المسيحي حول اسم واحد يبدو صعباً، «ولكن لا بدّ من المحاولة»، مع الإشارة إلى انّ اي اسم يتمّ التفاهم عليه يحتاج في ما بعد إلى استقطاب تأييد إسلامي له حتى يكتمل جناحاه.
وتوضح الأوساط، انّ فكرة عقد لقاء مسيحي في بكركي لم تنضج بعد، مشيرة إلى انّ مثل هذا اللقاء يتطلب أرضية مؤاتية لا تزال غير جاهزة، «وبالتالي فإنّه إذا انعقد وسط هذا الظرف لن يؤدي إلى نتيجة وسيكون محكوماً بالفشل».
وتكشف الاوساط، انّ بكركي تؤدي بامتعاص دور الوسيط بين الجهات المسيحية، لأنّها في الأساس من أنصار فصل الدين عن الدولة والاكتفاء بطرح المبادئ الوطنية العامة، «ولكن الانقسام المسيحي وعجز المؤسسات الدستورية دفعاها إلى ان تؤدي على مضض دوراً ليس من اختصاصها، بل هو شأن مجلس النواب المعني بالاستمرار في عقد جلسات متلاحقة حتى انتخاب رئيس الجمهورية».
وتضيف الأوساط: «بصراحة.. لقد تعاظم حضور بكركي السياسي من قلة الرجال».
وتشدّد الاوساط على رفض تعطيل نصاب الجلسات النيابية الانتخابية، اياً يكن مصدره، لافتة إلى انّ «بكركي تعارض قرار بعض الأفرقاء المسيحيين بمقاطعة أي جلسة قد تنتهي وفق حساباتهم إلى فوز مرشح لا يدعمونه»، معتبرة انّ مثل هذا السلوك «يتعارض مع الأصول التي تقتضي من جميع الكتل النيابية المشاركة في جلسات الانتخاب، وخوض المنافسة واحترام النتيجة التي تفرزها صناديق الاقتراع».
وتلفت الاوساط إلى انّ «الذين يعارضون على سبيل المثال انتخاب سليمان فرنجية، ينبغي أن يحاولوا تجميع اكبر عدد ممكن من الأصوات تحت قبة المجلس لمنع فوزه ولإيصال مرشح آخر، فإذا نجحوا يكونون قد فازوا بالوسائل الديموقراطية المشروعة، وإذا أخفقوا عليهم تقبّل النتيجة والانتقال إلى صفوف المعارضة. أما المقاطعة سلفاً لعرقلة وصول هذا المرشح او ذاك فليست مقبولة».
وتعتبر الاوساط، انّه وبعد كل هذا الذي يجري «لا بدّ من الترحّم على الديموقراطية».
وتشير اوساط الصرح البطريركي، إلى انّه «لا يجب أن تكون هناك فيتوات مسبقة على أي اسم، وعلى مجلس النواب ان يستمر منعقداً حتى ينجز واجبه في انتخاب الرئيس».
المصدر:”الجمهورية – عماد مرمل”
**