إستغرقت رحلة انهيار الليرة وصولاً إلى دولار الـ 100 الف حوالى 3 سنوات ونصف من التخبّط في إدارة الأزمة المالية، إنهارت خلالها الليرة 98.5%، أي 60 مرة أكثر مما كانت عليه عشية 17 تشرين الاول 2019، يومها كان حجم احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة نحو 32 مليار دولار، وحجم الودائع في المصارف نحو 110 مليارات دولار. مبالغ كانت كافية لبناء دولة واقتصاد من الصفر، لولا الطريقة الملتوية التي أُديرت بها الأزمة.
كذلك سجّل تدخّل مصرف لبنان الاخير في منصة صيرفة فشلاً ذريعاً، نتج منه التحاق المنصة بشكل يومي بالسوق السوداء، بدليل ارتفاع دولار صيرفة من 70 الفاً الى 78 الفاً ليرة، وذلك في غضون ايام، اي بتناغم واضح مع السوق السوداء، ما يعني انّ هذه السوق الرديفة هي التي باتت تقود وليس مصرف لبنان الذي لم يعد اللاعب رقم واحد في السوق.
وبناءً عليه، من المتوقع ان تصبح نسبة التدهور اليومي في سعر الصرف أكبر. على سبيل المثال، بارتفاع الدولار من 40 الفاً إلى 48 الفاً، تكون نسبة الزيادة 20%، في حين انّ انعكاس النسبة ذاتها على دولار الـ 100 الف سترفعه إلى 120 الفاً، لذا الاحتساب اليوم يجب ان يتركّز على نسبة الزيادة وليس على الارقام. هذا الامر يستدعي من مالكي الدولار الراغبين التصريف على قدر الحاجة، حتى لو اضطروا إلى ذلك بشكل يومي او مرات عدة في اليوم، وذلك حفاظاً على قيمة ما يملكون، ولعدم التخوّف من انخفاصه قليلاً، لأنّ في ذلك لعبة سوق يهدف من خلالها المضاربون إلى شراء الدولار بسعر اقل لبيعه بسعر أعلى لتحقيق أرباح أكبر.
وقت شطب الأصفار؟
في ظلّ استمرار التدهور وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة إلى 100 الف ليرة، وهي أكبر عملة لبنانية مطبوعة، هل حان الوقت لشطب الاصفار من العملة او ربما طبع ورقة المليون ليرة؟
وقال البواب: «بعد مستوى الانهيار الذي وصلنا اليه بات لزاماً على المسؤولين اتخاذ إجراء تجاه العملة، إما طبع عملة بقيمة أكبر، وإما الغاء الأصفار من العملة، وهو الحل الأمثل، لأنّ الارقام باتت كبيرة جداً، بحيث يصعب استيعابها»، لافتاً إلى انّ كلا الحلين يحتاجان إلى مجلس نواب لإقرارهما، الامر الغير وارد راهناً.
وقال: «انّ إلغاء الأصفار لن يؤثر لا سلباً ولا ايجاباً على نسبة التضخم، ولا على الوضع الاقتصادي، ولن يوقف الانهيار، انما يسهّل قراءة الاسعار فقط لا غير، ويسهّل تقبّلها نفسياً، ويعني انّ مرحلة انتهت ومساراً جديداً بدأ». لافتاً إلى انّه كلما كبرت العملة كلما زادت الرواتب وزادت الاسعار وكلما باتت الليرة منبوذة وغير مقبولة من أحد.
واقترح البواب ان يتمّ إلغاء صفرين من العملة في المرحلة الاولى، فيصبح الدولار بـ1000 ليرة، وإذا ما وصل الدولار الى 150 الفاً مع الغاء صفرين، يعود الدولار إلى 1500 ليرة، كما كان الوضع منذ ما قبل الأزمة. بهذه الطريقة يعود كل شيء كما كان في العام 2019، وتعود الاسعار كما كانت عليه وستتراجع الرواتب والاسعار كما كانت في السابق.