يقول وزير الاتصالات جوني قرم إن الخيارات المتاحة هي الاستمرار في ربط تعرفة الخلوي بدولار «صيرفة»، أو تقنين الاتصالات. هذا هو الطريق الوحيد لمعادلة إيرادات شركتَي الخلوي مع نفقاتهما، وهي المعادلة التي يدفع المشتركون ثمنها من خلال تعرفات باهظة الكلفة مربوطة بدولار «صيرفة» وبالانهيار المتواصل لسعر الليرة تجاه الدولار. لذا، التعرفة ستواصل الارتفاع كلما ازداد سعر «صيرفة»، بينما لن تقوم الدولة بإعادة النظر في بنية التعرفة
مساء الأربعاء الماضي، أي بتاريخ 1 آذار، أعلن مصرف لبنان بشكل مفاجئ رفع دولار صيرفة من 43500 ليرة لبنانية إلى 70 ألف ليرة اعتباراً من اليوم التالي. فور انتشار الخبر، حاول عدد من مشتركي الخطوط الخلوية الثابتة تسديد فواتيرهم عبر التطبيق الهاتفي من دون أن ينجحوا نتيجة توقّف التطبيق عن العمل. حالف الحظ بعض ممن سدّدوا فواتيرهم صباح الأول من آذار ومن ابتاعوا بطاقات مسبقة الدفع في ذلك اليوم، في مقابل تكبّد آخرين تكاليف مضاعفة في اليوم التالي لقاء الخدمة نفسها. هكذا، حُمِّل المواطن مرّة أخرى وزر سياسة مصرف لبنان وتقلّبات سعر الصرف والمضاربة بين المركزي والصرّافين، بعدما حُمِّل منذ 9 أشهر تكاليف إضافية على فاتورة الخلوي بلغت 6 أضعاف ليبلغ مجموع الزيادة اليوم إلى نحو 9 أضعاف.
وفق ما يقول وزير الاتصالات جوني قرم لـ«الأخبار»، فإنه لم يسجّل أيّ انخفاض في عدد المشتركين بعد رفع الأسعار، بل ثمة زيادة طفيفة في العدد تزامناً مع «انخفاض في استهلاك الداتا». أي أن المشتركين خفضوا اشتراكاتهم في ما يتعلق برزمة الإنترنت. السبب هو أن خدمة الإنترنت عبر الخلوي مرتفعة جداً وباهظة، وهذا ما يعيدنا إلى أصل المشكلة التي تكمن في أن الدولة تعاملت مع هذا القطاع باعتبارها مصدراً للإيرادات لا خدمة للأفراد والشركات.
لذا، فإن سلوك السلطة بعدما تملّكت شركتَي الخلوي لم يتغيّر، ولم تمارس ما يتوجب على الدولة القيام به تجاه مواطنيها. إذ كان بإمكانها تقليص الأعباء على المشتركين، من خلال إطالة صلاحية الخطوط المسبقة الدفع لمدّة شهرين أو ثلاثة أو حتى لسنة، كما يحصل حول العالم. وهذا ما يتيح للمشترك زيادة استهلاكه من الداتا. وكان بإمكان وزارة الاتصالات أن تعدّل احتساب الاتصالات الخلوية وفق الثانية لا الدقيقة، وهو أمر كان سيخفف الكثير من الأعباء عن المشتركين في ظل الظروف الحالية. فالواقع أن تعزيز الاستهلاك هو أمر محبّذ تجارياً ويدرّ المزيد من الإيرادات من دون أن تلجأ الدولة إلى «سرقة» مواطنيها.
أوجيرو من عجز إلى عجز
لا تكاد هيئة أوجيرو تخرج من عجز حتى تدخل في آخر. رغم زيادة أسعار الخدمات فيها منذ 9 أشهر، يستحيل معادلة المصاريف التي احتسبت يومها على أساس 25 ألف ليرة للدولار فطبقت زيادة 2.5 على الأسعار ليصبح الدولار معادلاً لـ3645 ليرة، وما طرأ اليوم من ارتفاع في السوق الحرة. فما كان ملائماً يومها لتحقيق التوازن لم يعد قائماً، وبحسب وزير الاتصالات مدخول أوجيرو الحالي هو 2500 مليار ليرة ومصروفها سيصبح 4 مرات أكثر، ما يعني أن الهيئة تسجل عجزاً، تتم تغطيته عبر سلف خزينة؛ إلا أنه في حال عدم تعديل التعرفة يصبح سداد السلف متعذراً. علماً أن السلفة التي نالتها أوجيرو لا تُعدّ أموالاً إضافية بل هي لسداد مستحقات الموظفين عن عام 2020 واحتساب لكلفة مستحقات 6 أشهر مقبلة من دون أن يحظوا بأي إضافات. وثمة مشكلة أخرى في الهيئة قوامها الأعطال في المولدات في كافة المناطق، إذ تعمل ما يعادل 20 ساعة يومياً من دون أن تخضع لصيانة أو لتبديل قطع منذ 3 سنوات. وفيما يمكن للعقد بين وزارة الاتصالات وأوجيرو (بقيمة 54 ملياراً على أن تدفع منها 26 مليون دولار فريش والباقي بالليرة) أن يحلّ جزءاً من المشكلة، لم تتمكن الوزارة من دفعها إلى حين إعادة السماح بالموازنة الملحقة وإلى حين استكمال المراسيم التطبيقية غير الموجودة وحل مشكلة اقتصار دوامات الموظفين في وزارة المال على يوم واحد.