حذّرت مصادر ديبلوماسية عربية من استمرار الشغور الرئاسي في لبنان، وقالت لـ«الجمهورية» انه «في حال استمر هذا الشغور المعطوف على الانهيار المالي المعطوف على التحلّل في الدولة، المعطوف على مزيد من الشغور في المواقع الدولتية، المعطوف على تأفّف وغضب شعبيين، المعطوف على انقسام سياسي عمودي فإنّ لبنان يتجه أكثر فأكثر نحو فوضى لا تحمد عقباها».
ودعت هذه المصادر القوى السياسية اللبنانية على اختلافها الى «التنبّه من مخاطر الوضع السياسي اللبناني لأنّ هذا الوضع لا يرتبط فقط بشغور رئاسي، فالشغور الرئاسي يحصل هذه المرة خلافاً للمرة السابقة على وقع انهيارغير مسبوق في تاريخ الجمهورية اللبنانية، وهذا الانهيار غير المسبوق ايضاً يَترافق مع تعطّل المؤسسات ومع الشغور المتدحرج داخلها في ظل غضب شعبي من الوضع المالي ومن الاوضاع القائمة كلها. وبالتالي، هناك مخاوف كبرى على القوى السياسية، وعليها ان تتنبّه لمخاطر هذه المسألة. وقالت المصادر ان على القوى اللبنانية ان تدرك بأنّ عواصم القرار، على رغم اهتمامها بلبنان وحرصها على الاستقرار فيه، مُنشغلة بأولوياتها وغير قادرة على التأثير في مجريات الواقع اللبناني، وبالتالي في حال القوى السياسية لم تأخذ هذا الواقع في الحسبان فإنّ الوضع يتجه اكثر فأكثر نحو مَهالك عليها ان تتنبّه من مخاطر المرحلة وما يمكن ان يلحق بها.
وختمت المصادر معتبرة «أن الانقاذ هو في يد اللبنانيين، وفي حال لم يبادروا فإنّ الاوضاع وفق تقارير رسمية جدية هي خطيرة جداً».
تهريج نقدي
في غضون ذلك، أكدت اوساط واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ الاجراءات الجديدة لمصرف لبنان «ليست سوى حبة مسكّنات إضافية لن يدوم مفعولها طويلاً»، مشيرة الى «ان الوجع سيعود لاحقاً أقوى».
واعتبرت هذه الاوساط «انّ المشكلة تكمن في مواصلة معالجة مرض مُستعصٍ بالمهدئات»، لافتة إلى أنه «من دون اتفاق سياسي وخطة اقتصادية سيستمر لحس المبرد والدوران العبثي في الحلقة المفرغة».
واشارت الاوساط الى انّ القرارات الاخيرة الذي صدرت عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لِلجم الدولار «تندرج في إطار التهريج النقدي، ليس إلّا». ونبّهت الى «انّ المودعين هم سيدفعون ثمن تدابير المصرف المركزي، لأنّ الفارق بين سعر صيرفة على أساس 70 الف ليرة وبين السعر الحقيقي في السوق السوداء سيعوّض مما تبقّى من أموال المودعين.
مجموعة الدعم
في ظل كل هذه التطورات صدر أمس بيان لافت عن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، والتي تأسست عام 2013، وتضمّ كلّاً من الامم المتحدة وحكومات الصين وفرنسا وألمانيا وايطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية مع الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية. وتضمن الآتي:
«مع بلوغ الفراغ الرئاسي شهره الخامس، وفي ظل غياب الاصلاحات وتصلّب المواقف وازدياد الاستقطاب، تعبّر مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان عن بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي.
وتحثّ مجموعة الدعم الدولية القيادات السياسية وأعضاء البرلمان على تحمّل مسؤولياتهم والعمل وفقاً للدستور واحترام «اتفاق الطائف» من خلال انتخاب رئيس جديد بلا مزيد من التأخير.
يعدّ الوضع الراهن أمراً غير مستدام. إذ يصيب الدولة بالشلل على كل المستويات، ويحد بشدة من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والأمنية والإنسانية العاجلة، كما يقوّض ثقة الناس في مؤسسات الدولة فيما تتفاقم الأزمات.
بعد مرور أحد عشر شهراً على تَوصّل لبنان الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، لم يبرِم لبنان بعد برنامجا ماليا مع الصندوق. إن التعجيل في إقرار القوانين اللازمة لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي وتوحيد أسعار الصرف يعدّ أمرا حيويا لوقف التدهور الاجتماعي والاقتصادي. وإذ تستذكر مجموعة الدعم الدولية تأجيل الانتخابات البلدية لمدة عام حتى أيار 2023، فإنها ترحّب بالاستعدادات الجارية لضمان إجراء هذه الانتخابات في موعدها. إن تجديد التفويض الشعبي للهيئات البلدية، التي تقع في الخط الأمامي لخدمة المواطنين اللبنانيين، أمر مهم لضمان عمل مؤسسات الدولة وتعزيز الثقة في الادارة المحلية.
تدين مجموعة الدعم الدولية بشدة الهجوم المسلح على دورية تابعة لليونيفيل في كانون الأول 2022، والذي أودى بحياة أحد أعضائها في العاقبية، وتتوقع محاسبة المُعتدين المتورطين فيه وتقديمهم إلى العدالة على وجه السرعة.
إنّ ضمان حسن سير العمل القضائي هو عنصر ضروري لاستعادة صدقية مؤسسات الدولة اللبنانية، وتكريس سيادة القانون، وفرض المُساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب. وفي هذا الإطار، تلاحظ مجموعة الدعم الدولية بقلق عدم إحراز تقدم في المسار القضائي المتعلّق بانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020.
وتؤكد مجموعة الدعم الدولية استمرارها بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه».