إنّ الوعد الذي قدّمه الرئيس نجيب ميقاتي «بإعادة كل قرش للمودعين أُودع لدى المصارف قبل 17 تشرين الأول 2019» لا يتّسِق مع خطته الحالية التي تستند احد ركائزها الرئيسية على شطب معظم الودائع بالدولار بتحويلها الى حسابات بالليرة على اسعار صرف مخفّضة والى حقوق صادرة عن صندوق وهمي لاسترداد الودائع. فلن يبقى من الودائع سوى ما يوازي 15 % (من خلال الحفاظ فقط حتى 100 الف دولار لكل وديعة كما تزعم الخطة) بعد شطب الفوائد التي تعتبر فائضة، والودائع غير المؤهلة، وإصدار حقوق لِما تبقّى.
فكلام الحكومة صحيح بهذا الخصوص، انّ الاعتماد على صندوق لاسترداد الودائع هو طرح غير مُجد كونه يحتاج الى فترة زمنية طويلة تتخطى متوسّط عمر المواطن. فلماذا تخَلّت الحكومة عن هذا الموقف؟ بينما اليوم تدعم وتسوّق لصندوق وهمي لاسترداد الودائع من الإيرادات المستقبلية فقط في حال تجاوزت معايير محددة مقارنة بدول مشابهة. تجتهد الحكومة اليوم لتقدم حلولاً تعتقد أنّ المواطن سيراها صائبة بعد أن جرّدتها من جدواها. كما أن صندوق النقد قد أبدى في الاتفاقية المبدئية على نطاق الموظفين رأياً مغايراً لاستعمال أصول الدولة لاسترداد الودائع بأي طريقة كانت. كما اقترح ايضا ان تقتصر مساهمة الدولة في إعادة رسملة مصرف لبنان فقط بحدود 2.5 مليار دولار. وهذا ايضاً يُجيز للحكومة التملّص من مسؤولياتها.
كما انّ طرح اعادة الودائع بمجملها غير ممكن في اقتصاد اي دولة في العالم، وهذا ما أكّدته خطة الحكومة في صفحاتها الاولى. فمن الأجدى ان تتوقف الحكومة والخبراء المصرفيون والسياسيون عن طرح هذا الموضوع. وغالب الظن انّ صندوق النقد سيرفضها لأنها تستند الى وعود وهمية، وكَون ملكية أصول الدولة برأيه تعود للجميع، المودع وغير المودع.
لذا فكلام الحكومة مؤخراً لا يعطي الثقة للمواطن، بل على العكس يزيد من فقدانه الثقة بالحكومة والقطاع المصرفي، وهما ضروريان لمعالجة الأزمة المفتعلة.
من الضروري ايضاً ان تقوم الدولة بتحسين أداء مؤسسات القطاع العام، من خلال خصخصة إدارتها باتّباع مناقصات عالمية تستقطب فقط الشركات المؤهلة لاسترجاع ربحيتها. ومن ثم تحويلها الى شركات مساهمة كلياً او جزئياً وتتوافر لمساهمة جميع اللبنانيين. والهدف هو رفع مستوى الخدمات بأقل تكلفة ممكنة ولدعم النمو وتحصين مالية الدولة وليس لتمويل صندوق استرداد الودائع والتعويض عنها. وعلى سبيل المثال، ان الادارة الفعّالة للكهرباء توفّر نحو 2 الى 3 مليارات دولار سنوياً.