لبنان على بعد امتار من الانهيار واعلان الدولة الفاشلة، وسط خلافات عاصفة على اشباه دولة معطلة ومنهوبة بفعل ممارسات سياسية لا تعرف الا الكيديات و «المال الحرام» و«السمسرات»، مما ادى الى سقوط مبرر وجود الدولة في حماية الناس وتنظيم حياتهم وتدبير شؤونهم واوضاعهم في كافة المجالات. فالدولة معطلة مع دخول اضراب موظفي القطاع العام يومه الثاني وابقاء معاملات المواطنين في «الجوارير»، والمدارس مقفلة منذ اسابيع مع الدعوات لاضرابات شامله، واخراج القيد بـ ٣٠٠ الف ليرة، والطوابع المالية مقطوعة الا في الاسواق السوداء وطابع الالف ليرة لا يمكن الحصول عليه الا بـ١٠٠ الف ليرة، واعمال القضاة مقتصرة على يومين في الاسبوع وعشرات اخلاءات السبيل تنتظر الاحكام، والمستشفيات لا تستقبل المرضى الا بعد تأمينهم الامصال والادوية، واصغر عملية حتى في المستشفيات الحكومية تتجاوز تكاليفها ٣ الاف دولار، وغيرها وغيرها من القضايا، فيما الدولار يلعب على هواه واسعار التجار على ٥٥ الفا، والاخطر ان احصاءات مراكز الدراسات كشفت عن ٢٥٠ الف مواطن غادروا لبنان منذ عام ٢٠١٧، كما كشفت الدراسات عن وصول نسب الطلاق الى ٢٥ في المائة وتراجع نسب الزواج والانجاب، وهذا ما يشكل الخطر الاكبر على العائلة اللبنانية، والانكى انه رغم هذه الصورة السوداء ما زال كبار القوم «يثرثرون» على انقاض دولة باتت جثة هامدة، تنتظر مراسيم دفنها ان كان من خلال اجتماع الحكومة او المراسيم الجوالة، ولن يقوم لها قائم طالما بقيت هذه المنظومة ورموزها يعيشون اوهاما وتخيلات، بان بايدن لا يدخل المكتب البيضاوي الا بعد اطلاعه على اوضاع بيروت وصيدا والبترون والشوف وكسروان وزغرتا وطرابلس، او ان امراء الخليج لا يعرفون النوم بسبب انتخابات رئاسة الجمهورية او اجتماع الحكومة من عدمه، وسها عن بال المنظومة، ان دور لبنان القديم انتهى كصندوق بريد لتبادل الرسائل الاقليمية والدولية مع خروج الفلسطينيين والسوريين وهزيمة الاسرائيليين، ولم يعد في حسابات احد الا من خلال الصواريخ الدقيقة لحزب الله وخطرها على كيان العدو، هذا هو الهم الاكبر لواشنطن ،والباقي تفاصيل، بالاضافة الى ان طاقم الامراء الجدد في الخليج غارق في مشاريعه التطويرية وخطط ٢٠٣٠، كما انهم يعرفون ان سبب المشاكل في لبنان هو الفساد والحصص، ولذلك فان لبنان في اخر اهتماماتهم وليس في حساباتهم، واكبر دليل على ذلك ان الحركة الدبلوماسية العربية التركية الايرانية «لتصفير» الخلافات لم تتطرق الى لبنان ولو بكلمة واحدة، وهذا ما قاله دبلوماسي عربي في بيروت لعدد من الاعلاميين، كاشفا عن حراك مصري بضوء اخضر سعودي في ظل الدور المحوري للقاهرة في عملية التقارب بين الدول العربية وتحديدا بين السعودية وسوريا، واصرارها على حضور سوريا مؤتمر القمة العربي الذي سيعقد في الرياض في دورته المقبلة. كما ان جولات السفير المصري في بيروت على المسؤولين ربما مهدت لوصول موفد مصري الى بيروت لمتابعة الملف الرئاسي.
لكن السؤال الاساسي: هل يبقى الملف الرئاسي في الثلاجة بانتظار التفاهمات العربية التركية الايرانية التي تحتاج الى سنة من الوقت لظهور نتائجها؟ هذا هو المنحى حتى الان؟ مما يؤشر الى ان الازمة طويلة، والجوع «كافر» والانفجار الاجتماعي على الابواب، مصحوبا بتحركات لمجموعات ارهابية وعصابات في الشمال والبقاع وصيدا، اما في بيروت فهؤلاء يوجدون بين مخيمات برج البراجنة وصبرا وشاتيلا ومعروفون بالاسماء ويتحركون بحرية وامام الناس، ويديرون ايضا شبكات للمخدرات، حيث نفذ الجيش اللبناني منذ ايام عملية امنية نوعية في المنطقة ادت الى اعتقال رموز في هذه العصابات، كما ان التقارب التركي السوري يلقى معارضة كبيرة من مجموعات ارهابية اعلنت رفضها مغادرة سوريا وبدأت تتحضر للانتشار خارج ادلب، ولا احد يمنع هذه المجموعات من الوصول الى الحدود اللبنانية السورية ووادي خالد وطرابلس، خصوصا انها تضم ارهابيين اجانب مدربين وقادرين على خوض المواجهات.
المصدر:” الديار – رضوان الذيب”
**