ركز قداسة البابا فرنسيس في الرسالة التي وجهها الى مدينة روما والعالم لمناسبة عيد الميلاد، على ضرورة انهاء الحروب والنزاعات التي تسيطر على العالم، بدءا من الحرب في اوكرانيا مرورا بالازمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان والحرب في سوريا وتصاعد العنف في الاراضي المقدسة، وصولا الى اليمن وايران دون ان ينسى معاناة سكان هايتي، مشددا على أن “زمننا يعيش نقصا خطيرا في السلام”.
وقال: “تظهر لنا بيت لحم بساطة الله، الذي لا يظهر نفسه للحكماء والأذكياء، وإنما للصغار ولأصحاب القلوب الطاهرة والمنفتحة. على مثال الرعاة، لنذهب نحن أيضا مسرعين ولنسمح بأن يدهشنا حدث الله الذي صار إنسانا لكي يخلِّصنا” كما جرت العادة، رسالته التقليدية إلى مدينة روما والعالم، قال فيها أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في روما والعالم أجمع، ميلادا مجيدا ليحمل الرب يسوع، الذي ولد من العذراء مريم، لكم جميعا محبة الله، مصدر الثقة والرجاء؛ ويحمل معها عطية السلام التي أعلنها الملائكة لرعاة بيت لحم: “المجد لله في العلى! والسلام في الأرض للناس فإنهم أهل رضاه!”.
“في يوم العيد نوجه نظرنا إلى بيت لحم. يأتي الرب إلى العالم في مغارة ويوضع في مذود للحيوانات، لأن والديه لم يجدا مأوى، رغم أن الوقت كان قد حان لمريم لكي تلد. يأتي بيننا في صمت الليل وظلامه، لأن كلمة الله لا تحتاج إلى أضواء كاشفة أو إلى صخب أصوات بشرية. هو نفسه الكلمة التي تعطي معنى للحياة، والنور الذي ينير المسيرة. كان النور الحق – يقول الإنجيل – الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم. ولد يسوع بيننا وهو الله معنا. يأتي لكي يرافق حياتنا اليومية، ولكي يشاركنا كل شيء، الأفراح والأحزان، الآمال والمخاوف. يأتي كطفل أعزل. ولد في البرد فقيرا بين الفقراء، بحاجة لكل شيء، قرع على باب قلبنا لكي يجد الدفء والمأوى”.
تابع: “يعيش زمننا أيضا نقصا خطيرا في السلام في مناطق أخرى، في مسارح أخرى لهذه الحرب العالمية الثالثة. لنفكر في سوريا، التي ما زال يعذبها صراع تلاشى في الخلفية ولكنه لم ينته. لنفكر في الأرض المقدسة، حيث تصاعد العنف والاشتباكات خلال الأشهر الأخيرة، مع سقوط قتلى وجرحى. لنطلب من الرب أن يستأنف الحوار والبحث عن الثقة المتبادلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هناك في الأرض التي شهدت مولده. ليعضد الطفل يسوع الجماعات المسيحية التي تعيش في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكي يصبح ممكنا في هذه البلدان عيش جمال التعايش الأخوي بين الأشخاص الذين ينتمون إلى ديانات مختلفة. ليساعد لبنان بشكل خاص لكي يتمكن من أن ينهض أخيرا، بدعم من المجتمع الدولي وبقوة الاخوة والتضامن. لينر نور المسيح منطقة الساحل، حيث تشوش الاشتباكات والعنف التعايش السلمي بين الشعوب والتقاليد. وليوجه هدنة دائمة في اليمن، ونحو المصالحة في ميانمار وإيران، لكي تتوقف كل إراقة للدماء. وليلهم السلطات السياسية وجميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة في القارة الأميركية لكي يعملوا على تهدئة التوترات السياسية والاجتماعية التي تؤثر على مختلف البلدان. أفكر بشكل خاص في سكان هايتي الذين يتألمون منذ فترة طويلة”.
وختم الاب الاقدس: “اليوم كما في ذلك الوقت، يأتي يسوع، النور الحقيقي، إلى عالم مريض باللامبالاة، لا يقبله، بل يرفضه كما يحدث للعديد من الأجانب، أو يتجاهله، كما نفعل في كثير من الأحيان مع الفقراء”.