كتبت صحيفة “الجمهورية”تقول: في بلد ولّاد لأزمات أنتجت أجيالاً تفرّعت وتوارثت من الازمة الأم، أي ازمة النظام، يعيش اللبناني فرحة ولادة واحدة هذه الايام هي ولادة السيد المسيح، محاولاً ان يفصل هذا العيد المجيد عن مآسيه اليومية، فيضع وزر مشقّاته لبضعة ايام يستعيدها مطلع السنة على مشهد ضبابي لا معالم حلول فيه للتحلّل الآخذ في التوسع على مستوى الدولة ومؤسساتها.
«لا حول ولا قوة»، هكذا أجاب مرجع سياسي مسؤول «الجمهورية» عن سؤال سبب تقاعس من هم في الحكم عن اتخاذ قرارات حاسمة وجريئة توقف التدهور، متوقعاً «مطلع سنة ساخن سياسياً»، خصوصا انّ كل التعويل الداخلي على الحراك الخارجي الذي بدأت طلائعه في الاردن، ويتوقّع ان يستكمل في فرنسا باللقاء الرباعي، لا مفاعيل قريبة ومباشرة له.
وتوقّع المرجع ان يشتد الكباش السياسي حول الاستحقاق الرئاسي وان تشهد الساحة تحشيدا مسيحيا قويا ولو بأولويات واجندات مختلفة، وكذلك الحكومة والمراسيم واستحقاقات اخرى داهمة. وقال: «طالما أننا ننتظر حلا معلّبا من الخارج ونقرّ بعجزنا عن اجتراح الحلول محلياً سيبقى مصير البلد في مهب الريح». وقَلّل المرجع من احتمالات ظهور خروقات تغيّر في الاحداث، متوقعا «ان تنجرّ الملفات كما هي الى السنة المقبلة مع مزيد من التدهور «المضبوط» على ساعة «اللا مصلحة» الخارجية بتفجير الوضع كلياً». وختم قائلاً: «اذا كان من خرق يستحق منّا الوقوف عنده فهو الاطار السياسي الذي وضع للمرة الاولى في الاردن حيث التقت ارادة السعوديين مع القطريين والفرنسيين على البحث في جدول اعمال يرتبط بالاستحقاق الرئاسي تمهيداً للقاءات باريس التي لن تحصل قبل منتصف الشهر المقبل… فالاطار السياسي للحل وُضِع، أمّا الكلام فيأتي لاحقاً».
مشاورات وتواصل
ولكن في مقابل كلام هذا المرجع، وعلى رغم من دخول البلاد في مدار عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، فإنّ المشاورات والتواصل مستمران في غير اتجاه وعلى مستويات متعددة بهدف إجراء مقاربات جديدة للاستحقاق الرئاسي يمكن الانطلاق على ضوئها الى انجازه، خصوصا ان التواصل الخارجي في شأنه ناشط بين العواصم المعنية لملاقاة المشاورات الداخلية في ظل استمرار المواقف الدولية التي تستعجل تكوين السلطة اللبنانية الجديدة بدءاً بانتخاب رئيس جمهورية جديد وتشكيل حكومة تتولّى تنفيذ الاصلاحات المطلوبة داخلياً ودولياً لوقف مسلسل الانهيار اللبناني المتمادي على كل المستويات.
وبَدا من خلال المشاورات الداخلية الجارية انّ الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري صائِر الى الانعقاد في مطلع السنة الجديدة، خصوصا انّ الاقتناع بجدواه بدأ يتبلورمن خلال ما يرشح من اللقاءات التي انعقدت وتنعقد هنا وهناك، خاصة في ظل انعدام التوافق حتى الآن على شخص رئيس الجمهورية الجديد، وتعذر تفرّد فريق من الافرقاء المعنيين بإيصال مرشحه الى قصر بعبدا لعدم امتلاكه هو والآخرين النصاب القانوني المطلوب لجلسة الانتخاب والاكثرية المطلوبة لفوز هذا المرشح وأقله الاكثرية المطلقة (65 صوتاً).
تحرّك عربي
وفي هذه الاجواء، برز تحرك لجامعة الدول العربية حيث اغتنم الامين العام للجامعة احمد ابو الغيط وجوده في بيروت مُشاركاً في منتدى الاقتصاد العربي ليلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ويطلق مواقف استعجَل فيها الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. وقال «انّ لبنان يمر في وضع سياسي واقتصادي صعب جدا ومعقّد، لكنّ الخروج منه مُتاح والإمكانات موجودة لتحقيق هذا الامر». واضاف: «رغم كل الصعوبات السياسية والاقتصادية اللبنانية إننا نستشعِر انّ لبنان بالتأكيد سوف يخرج من هذه الازمة، الامر يبدأ بانتخاب الرئيس ثم إطلاق آليات الإقتصاد اللبناني. وأثِق أن الخيال وفاعلية العقل اللبناني قادران على تحقيق انفراج في الموقف»، مشيراً الى ان امام الجامعة العربية كثير من الاحتمالات حول ما يمكن ان تقوم به تجاه لبنان «ولكن لا استطيع ان اتحدث في شيء محدد حالياً». أضاف: «هناك انسداد سياسي ووضع اقتصادي صعب وينبغي حشد الهمَم وحزم الرأي من قبل السياسيين والاقتصاديين، وجميعهم مطالبون بأن يبذلوا الجهود وفي اسرع وقت ممكن للخروج بلبنان من هذا الوضع الصعب، وأنا واثق في حكمة السياسيين وفاعلية الاقتصاديين وقدرتهم لأن يُخرجوا البلد من هذا المأزق»، واعتبر «ان المفتاح يجب ان يكون انتخاب رئيس للجمهورية».