كشفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» عن مقاربات غربية يعتريها قلق بالغ حيال مستقبل الوضع في لبنان في ظل الافق الرئاسي المسدود، وعدم تمكّن الاطراف اللبنانيين من اختيار رئيس للجمهورية.
وجزمت المصادر بأنّ المجتمع الدولي يُقارب الملف الرئاسي في لبنان من كونه مسؤولية اللبنانيين من دون غيرهم، وبالتالي لا ينبغي توقّع انطلاق اي مبادرات، وبمعنى ادق لا ينبغي الرهان على شيء غير موجود، بل أن يقوم اللبنانيون بما تُمليه عليه أزمة بلدهم من واجب اكيد على معالجتها وانتخاب رئيس للجمهورية قبل فوات الاوان».
ما اوردته المصادر الديبلوماسية، اكدت عليه مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى باربارا ليف، لوزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب خلال استقبالها له في مقر وزارة الخارجية الاميركية في واشنطن، حيث شدّدت على ضرورة تَحمّل أصحاب القرار في لبنان مسؤولياتهم الوطنية والمضي قدماً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة أساسية للبدء بمعالجة الأزمات المتراكمة.
وقالت: إنّ ما يواجهه لبنان هو مختلف واشد خطورة من ازماته السابقة، وحتى أشد تعقيداً من الازمات الاقليمية في المنطقة التي تتولى متابعتها بحُكم نطاق عملها.
إهتراء… ولا دواء
داخلياً، الصورة في منتهى الاهتراء، فمافيا الدولار دأبت على جريمة التلاعب حيث قفز الدولار الى ما فوق الـ46 الف ليرة، وهو الامر الذي احدثَ بلبلة في الاسواق وارتفاعا جنونيا في اسعار المواد الحياتية والاستهلاكية، فيما كان وفد البنك الدولي الذي يزور لبنان حالياً يقدم قراءة مأساوية لما آل اليه الوضع في لبنان، محذّرا من مصاعب ومخاطر مالية كارثية اذا ما استمر التأخير في المعالجات الضرورية للازمة الاقتصادية، مؤكدا انّ مسار الانقاذ انطلاقه رهن بإعادة انتظام المؤسسات في لبنان، وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تَشرع فوراً في تنفيذ خطة تَعاف صحيحة ومتينة، وبناء الركائز الموضوعية للتفاهمات والاتفاقات مع المؤسسات المالية الدولية، وعلى وجه الخصوص مع صندوق النقد الدولي».
ولفت في هذا السياق، هجوم نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعادة الشامي على من سمّاهم «طبقة الاقتصاديين الجدد»، حيث قال: الجميع يدرك أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإنّ فلساً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينمّ عن جهل مُتعمّد للواقع وللظروف التي نعيشها، فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا ويحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتّباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة ومؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجَد حلول بهذه البساطة التي يدّعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟
الدواء مهدد
وفي موازاة الفلتان في ارتفاع الدولار وجنون الاسعار، أطلقت نقابة الصيادلة صرخة تحذير من فقدان الدواء، حيث وجّه نقيب الصيادلة جو سلوم نداء الى المعنيين، لفت فيه الى انّ «الارتفاع المضطرد والسريع للدولار، أدى الى تَوقّف شبه كامل عن تسليم الأدوية والحليب الى الصيدليات، وبالتالي فقدانها تدريجاً، ناهيك عن انعكاساته السلبية على الواقع الصحي والافلاسات التي تنتظر كل قطاعات الدواء وفي مقدمتها الصيدليات، وبالتالي الاقفال».
وقال: «لا أحد يختلف أن المواطنين عاجزون عن تحمّل المزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار، وكذلك الصيدليات وشركات الأدوية والمصانع الدوائية عاجزة عن الاستمرار، في حين انّ وزارة الصحة تقوم بأكثر من واجبها في هذه الظروف الصعبة وضيق الموارد والخيارات، ونقابة صيادلة لبنان لا تألو جهداً في مكافحة كل أشكال المخالفات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن. من هنا أتوجّه الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي لإنقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة، فالانقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، واعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، لا سيما الصحية، والّا الانهيار الحتمي والتوقّف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام».
**