كتبت صحيفة الديار: كسر المجلس الدستوري رتابة المشهد السياسي في البلاد بابطال نيابية النائب في «تكتل التغيير» رامي فنج الفائز عن المقعد السني في طرابلس. لكن اعلان فوز فيصل كرامي وانسحاب ذلك على خسارة النائب فراس السلوم الفائز عن المقعد العلوي ليحل مكانه حيدر ناصر من لائحة فنج لم ولن تغير خريطة المجلس النيابي الذي يواكب الفراغ الذي يتمدد في «شرايين» الدولة المتهالكة حيث تكرر بالامس العرض المسرحي السابع في ساحة النجمة بفشل الكتل النيابية في انتخاب رئيس للجمهورية، وبات واضحا ان الجميع ينتظر تسوية خارجية لا تزال مجرد وهم يتعلق به البعض لتبرير الفشل في اخراج البلاد من النفق المظلم القابعة فيه الى اجل غير مسمى على وقع تصاعد التوترات في المنطقة في ظل رهانات اقليمية ودولية على الاحتجاجات الداخلية الايرانية لتغيير موازين القوى، ورهان بعض القوى اللبنانية على ضربة اسرائيلية- اميركية لطهران على خلفية تعقيدات الملف النووي. لكن ما بات يدركه الجميع ولا يجاهرون به، ان احدا في العالم لا يرغب في تحييد لبنان عن ازمات المنطقة وايجاد حل منفرد يخرجه من ازماته، وهو امر جرى ابلاغه الى البطريرك الماروني بشارة الراعي من قبل دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، قال صراحة «ان فكرة عقد مؤتمر دولي حول لبنان غير واردة في المدى المنظور لعدم توافر الظروف المساعدة على ذلك».
رهان على التصعيد الاقليمي؟
وفي هذا السياق، اكدت مصادر سياسية بارزة ان بعض القوى السياسية في لبنان تراهن على تحرك اسرائيلي ضد ايران يمكن ان يغير قواعد «اللعبة» في المنطقة، وينعكس حكما على موازين القوى على الساحة اللبنانية، وهذا ما يفسر «المراوحة» والرهان على الوقت. ويعول هؤلاء على عودة اليمين المتطرف الى الحكم في اسرائيل، وارتفاع منسوب التنسيق مع واشنطن لمواجهة ما يعتبرونه «الخطر» الايراني. ومن هذه المؤشرات الدالة على ذلك، تاكيد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، خلال سلسلة لقاءات عقدها في البيت الأبيض مع مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية في واشنطن التي وصلها نهاية الاسبوع الماضي على ضرورة تسريع الخطط العملياتية والتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة إيران.
«النقطة الحرجة»
وكان لافتا لقاء كوخافي مع مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، حيث ناقشا التحديات الأمنية في الشرق الأوسط والتهديد الإيراني. وقال كوخافي الذي قابل أيضا رئيسَ وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ان «الولايات المتحدة تقف وراء التزام الرئيس الأميركي بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. ووفقا للرئيس الاركان الاسرائيلي فان جيش الاحتلال سيقوم بتسريع كافة الخطط العسكرية في مواجهة إيران بعد التوافق مع واشنطن بان الامور وصلت الى نقطة حرجة تحتم تسريع الخطط العملياتية وتعزيز التعاون في مواجهة طهران و «أذرعها» في المنطقة..؟
مناورات جوية
ومن هنا، يمكن فهم رهانات البعض على الوقت لاحداث تغيير عبر فرض الامر الواقع في لبنان، خصوصا عشية التحضيرات الاميركية – الاسرائيلية لإجراء مناورات مشتركة للقوات الجوية خلال الأسابيعِ القادمة، لتدريب العسكريين على العملِ في ظروف نزاع محتمل بين إسرائيل وإيران وحلفائها في المنطقة وفي مقدمتهم حزب الله.
خطر «المسيرات»
وفي السياق نفسه، كشف موقع «أكسيوس» الاميركي أن إسرائيل قدمت ملفا استخباراتيا إلى سفاراتها في عشرات الدول الغربية وإلى مسؤولين كبار في حلف «الناتو» حول عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى روسيا.ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين القول إنهم يأملون استغلال التركيز الحالي على المساعدات التي تقدمها إيران للجهود الحربية الروسية في أوكرانيا كوسيلة لزيادة الضغط الدولي على طهران . وترغب إسرائيل بتنظيم مؤتمر دولي حول انتشار الطائرات المسيرة الإيرانية، وبدأوا بمناقشة الفكرة مع عدة اطراف. ووفقا للموقع الاميركي، فان الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية الجديدة تمثل تغييرا في السلوك الإسرائيلي بشأن دور إيران في الحرب في أوكرانيا، والذي لم يتضمن حتى الشهر الماضي ضغطا نشطا بشأن هذه القضية لتجنب التوترات مع روسيا.!
لا للمؤتمر الدولي
في غضون ذلك، ابلغت باريس بكركي بضرورة التراجع «خطوة الى الوراء» في موضوع طرح المؤتمر الدولي، وعلمت «الديار» ان مسؤولا فرنسيا بارزا ابلغ البطريرك الماروني عدم وجود اي فرصة لنجاح هذه الفكرة في الوقت الراهن. فالولايات المتحدة ليست معنية بالمشهد اللبناني وليس على جدول اعمالها، فرص نجاح المبادرة الفرنسية معدومة في ظل عدم نضوج التسوية الايرانية- السعودية. ووفقا للمعلومات، بات البطريرك الراعي مدركا «عقم» طرح فكرة عقد المؤتمر وهو يتمسك بالفكرة فقط لانه لا يوجد طرح بديل. وفي غياب التوافق الداخلي وعدم وجود اجماع وطني فقدت الفكرة جدواها. وقد نصحت المصادر نفسها بكركي بعدم الاندفاع كثيرا وراء طرح المؤتمر لان ظروفه غير ناضجة ومن غير المجدي تسجيل «نكسة» سياسية في غير مكانها، وحتى فكرة استدعاء سفراء الدول الخمس وتسليمهم مذكرات في هذا الاطار، لا تجدها مجدية ومجرد تضييع للوقت والجهد. وبرايها لا داعي لتسجيل اخفاقات دبلوماسية تسجل خسائر ولا تحقق ارباحا في السياسة.
الطعون النيابية
فقد أبطل المجلس الدستوري، في قرارٍ أصدره امس، نيابة رامي فنج وفراس السلوم، وأعلن فوز فيصل كرامي عن المقعد السني في طرابلس وحيدر ناصر من لائحة فنج عن المقعد العلوي. تجدر الاشارة الى انها من المرات النادرة التي يبطل فيها المجلس الدستوري نيابة أحد النواب ويعلن فوز نائب آخر بعد سابقة إبطال نيابة غبريال المر بدلاً من الدعوة إلى إجراء انتخابات نيابية فرعية كما حصل مع النائبة السابقة ديما جمالي.. ومع إبطال نيابة رامي فنج تخسر المعارضة نائباً كان يصوّت للمرشح ميشال معوض في مقابل مكسب لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية نتيجة اقتراب كرامي من رئيس تيار المردة، فيما لم يحدد النائب الجديد حيدر ناصر عن توجهاته الجديدة سياسيا .
لماذا قبل «الطعن»؟
وأوضح رئيس المجلس الدستوري طنوس مشلب، انه كان هناك طعنان، من فيصل كرامي ضدّ فراس السّلوم ورامي فنج وإيهاب مطر، وطعن آخر من حيدر ناصر، وأشار إلى أنّ الطعنين مبنيَّان على الأسباب والمطالب نفسها، وهناك مقطع مشترك فيهما، فجرى ضم الطعنين واتخذ فيهما قراراً واحداً. وأضاف: لم نتمكّن من تحديد الرشوة على إيهاب مطر، لكن ثمة خطأ حصل في احتساب الأصوات فاضطر المجلس لفرز ما يقارب الـ 50 قلماً، وتم فرز 40 ولم يعد هناك حاجة لفرز المزيد. ووفقا للقاضي مشلب «الفرق بين لائحة رامي فنج واللائحة الأخرى كان بسيطاً، وأعلنّا في القرار تصحيح النتائج وإبطال نيابته وفراس السلوم، وإعلان نيابة فيصل كرامي وحيدر ناصر». واكد مشلب ألّا تحامل على أحد، لكن مثل هذه الأخطاء تحصل، لافتاً إلى أنّها ليست المرّة الأولى التي يحصل فيها هذا الأمر. وتعليقاً على القرار، قال النائب فيصل كرامي إنّه كان لديه قناعة بأنّ النتائج ستكون لصالح لائحته وقال «لدينا 3 حواصل وهذا الأمر حق لكلّ من صوّت لهذه اللائحة، ومنذ أن قدّمنا الطعن كنا متيقنين من أنّنا لسنا خاسرين. واعتبر أنّه لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية من دون توافق وحوار. من ناحيته، قال النائب المبطلة نيابته فراس السلوم: نثق بالمجلس الدستوري، ولكن كنا نتمنى أنّ يتم إعادة فرز جميع الأقلام.
الطعون في المتن وعكار؟
وبالنسبة إلى انتخابات المتن، والطعن المقدّم من جاد غصن، أوضح القاضي مشلب أنّ المجلس ارتأى التوسّع في التحقيق، وانتهى فرز الأقلام، والأمر نفسه في عكّار، والنتائج تُعلن بعد ما يقارب الأسبوعين. والترقب سيد الموقف بانتظار نتيجة الطعن في قضاء المتن الشمالي المقدم من المرشح الماروني جاد غصن ضد نائب القوات اللبنانية رازي الحاج والذي في حال قبوله سيطيح أيضاً بنيابة أمين عام حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان.
«مهزلة» ساحة النجمة
في هذا الوقت، تكررت المهزلة في ساحة النجمة ولم يتصاعد «الدخان الابيض» من الجلسة السابعة لانتخاب رئيس للجمهورية، وكما هي العادة منذ الجلسة الاولى تكررت «لعبة» عد الاصوات حيث حصل النائب ميشال معوّض على 42 صوتاً، وتمّ الاقتراع بـ 50 ورقة بيضاء، فيما حاز عصام خليفة 6 أصوات، وزياد بارود صوتين، إضافة إلى صوت لبدري ضاهر، و8 أصوات لـ «لبنان الجديد»، وورقة ملغاة. وقد غاب عن الجلسة النواب سينتيا زرازير، أسعد درغام، علي عسيران، وميشال المر، وجميل السيّد. وقبل إعلان نتيجة فرز الأصوات، انسحب نواب من كتلتي «التنمية والتحرير» و «الوفاء للمقاومة» من الجلسة، وقد حدّد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الجلسة المقبلة يوم الخميس في الأول من كانون الأول المقبل. وقبل رفع الجلسة، جرى نقاش حول التصويت الإلكتروني.
الانقسامات مستمرة
وانتهت جلسة الامس، إلى فشل ذريع على مستوى القوى السياسة التي تنقسم على نفسها ولم تنجح حتى الان في توحيد صفوفها لتقديم مرشح يمكن خوض معركته، فما حصل بالامس اعاد تكريس الانقسامات بين نواب «التغيير» وكذلك بين النواب «المستقلين»، والنتيجة ان المعارضة غير موحدة وليست قادرة على تجاوز خلافاتها. اما النواب السُّنّة فهم لا يزالون دون مرجعية واضحة ايضا ولم يتمكنوا حتى من لعب دور وسطي بين فريقين سياسيين منقسمين على انفسهم.
خلاف «الثنائي»- باسيل
كذلك لم تحمل جلسة الامس أي جديد في «معسكر» حزب الله وحلفائه ايضا، فلا تقدم في الاتصالات بين «الثنائي الشيعي» وبين التيار الوطني الحر، ولا يزال النائب جبران باسيل مصرا على رفض ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، في المقابل لم تجد محاولاته لجر حزب الله وحركة امل الى نقاش حول مرشح تسوية تكون له اليد العليا في تسميته باعتبار انه «تنازل» عن حقه الطبيعي في الترشح.وللمفارقة ان تمايزه عن حزب الله لم يفتح له حتى الآن «ابوابا» اقليمية ودولية يحاول طرقها لاستعادة بعضا مما خسره خلال ولاية الرئيس ميشال عون.
عمار وقائد الجيش؟
وبعد الجلسة شدّد عضو كتلة «الوفاء والمقاومة» النائب علي عمار أن لا ربط بين قائد الجيش ورئاسة الجمهورية رغم أدائه الجيّد في المؤسسة العسكرية. وقال «خروجنا من الجلسة سببه تمنّع البعض عن الحوار والوفاق، والبلد مأزوم، ونخشى أن يصل الوضع إلى انفجار اجتماعي كبير».
خليل والدعوة للحوار
إلى ذلك، قال عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب علي حسن خليل، «نحن أوّل النّاس الدّاعين إلى التّواصل الدّاخلي بين الكتل في المجلس النيابي، لكنّ الخروج من الجلسة هو من أساليب التعبير عن الموقف، موضحاً أنّ هذه الورقة البيضاء تأكيد على إصرارنا على عدم تحدّي أيّ مكوّن آخر. ورأى أنّ «المهم أن نركّز على نقطة أساسية وهي التّفتيش الجدّي عن صيغة للتفاهم للخروج من حالة الجمود القائمة. وقال إنّه إذا كان الحوار على طاولة صعب الانعقاد في هذا الوقت، فهذا أمر لا يمنع أن تتواصل القوى السياسية مع بعضها البعض.
بو صعب «والغلطة»
من جهته، أعلن نائب رئيس مجلس النواب، الياس بو صعب، أنّه صوّت للوزير السابق زياد بارود و «مستمرّ في التصويت له»، واعتبر أنّ «غلطة» نوّاب 17 تشرين أنّهم تفرّقوا و «ما حدا سيادي أكثر من حدا، وأنا سياديّ أكثر منهم»، وأضاف أنّهم لم يبقوا مستقلين بل اصطفّوا، وهذه هي السياسة في لبنان.
معوض «وجسور» المعارضة
من ناحيته، قال رئيس «حركة الاستقلال»، النائب ميشال معوّض، إنّ هناك تقدّماً بعدد الأصوات المؤيّدة لي ويجب على المعارضة أن تبني جسوراً في ما بينها لأنّ الخلافات تؤدّي إلى التشتت. ورأى أنّه كي لا نصل إلى رئيس رمادي تسووي يجب الحصول على أكثرية مع اجتماع القوى المعارضة ولاحقاً نخوض معركة النصاب.
الجميّل: انتظار التسوية
بدوره، أسف رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل إزاء المشهد المتكرر كل يوم خميس، معتبراً أنّ ما يحصل لم يعد انتخابات إنّما انتظار تسوية أو صفقة لإبقاء المنظومة قائمة لتدمير ما تبقى من البلد. واعتبر أنّ هناك انتظاراً لتسوية على حساب الاقتصاد والبلد والدستور وبتنا نسأل أنفسنا إذا كان من المفيد حضور الجلسات.
الذهب «مطابق»
في سياق آخر، أعلن مصرف لبنان في بيان، عن «إنجاز عملية التدقيق في موجودات خزنة المصرف من الذهب التي أجرتها شركة تدقيق عالمية متخصّصة ومحترفة في هذا المجال، تم اختيارها وتكليفها من قِبَل مفوَّض المراقبة الخارجي للمصرف وبالتنسيق والتوافق مع صندوق النقد الدولي. واشار الى انه تبيّن للشركة وبعد استكمال عملية التدقيق، أن موجودات خزنة مصرف لبنان من الذهب (سبائك ونقود معدنية) مطابقة تماماً، كمّاً ونوعاً، للقيود المسجّلة في السجلات المحاسبية لمصرف لبنان.